فتنة مخيم ( عين الحلوة) فتنة مؤلمة، ولا يكاد يسلم من إثمها مشارك. كل من يشارك فيها بقول أو فعل يقع في الإثم، لأن دم المسلم على المسلم حرام. وأحسب أن الفئتين المتقاتلتين هما من المسلمين، سواءً أكانوا جند الشام، أم رجال فتح. سفك دم مسلم بريء أعظم عند الله جرمًا من هدم الكعبة، فكيف بمن شارك في هذه الفتنة التي قُتل فيها أحد عشر مواطنًا، وجرح فيها أكثر من أربعين، وأسفرت عن هجرة ألف شخص من المخيم؟!
لست أدري لماذا انزلق الطرفان للقتال الشرس، وبالسلاح والرصاص! الروايات التي تناقلتها وسائل الإعلام متناقضة ومتعددة، ولا تقول الحقيقة كاملة، ولا ثقة لمن يبحثون عن العدل فيها، لذا فإن الخوض في الأسباب والمسئوليات هو عمل غير مجد ولا مفيد، والأولى تكثيف الجهود لوقف الاقتتال، والبحث عن مخرج وعن حلّ يحقق العدل بين الناس.
اقرأ أيضًا: مخيم عين الحلوة في عين العاصفة
اقرأ أيضًا: المنظمة وحق الفلسطيني في حمل السلاح
من المعلوم أن المخيمات الفلسطينية بيئة هشة ولا تحتمل القتال المسلح بين مكونات المخيم. نعم الاختلاف السياسي والفكري جزء من طبيعة البشر ويمكن إدارته حضاريًا، ولكن إدارته بالرصاص شيء يناقض الفطرة، وليس مقبولًا في الرؤية الحضارية، وقد علمتنا تجارب سابقة أن الاقتتال الداخلي نقمة على الجميع، وأنه ينتهي عادةً بلا غالب ولا مغلوب، وبتدخل طرف ثالث يفرض أجندته على المتقاتلين.
سمعت مداخلات تمثل طرفي الصراع في عين الحلوة، وكانت بعض هذه المداخلات تحرّض على القتال والانتقام، وتبالغ في تقبيح الطرف الآخر، إلا أن حاجة المجتمع في عين الحلوة تقتضي خلاف ذلك، حالة المواطنين في عين الحلوة تقتضي وقف إطلاق النار، وتضميد الجراح، والمصالحة، وتحقيق العدالة، وإعادة المهجرين للمخيم، وضبط السلاح، وأخذ العبرة، وترك تهم التخوين، والتكفير والإرهاب.
التكفير وصفة لتحليل الاقتتال، والإرهاب وصفة مقابلة لتبرير استمرار الاقتتال، التهمتان من الأخطاء التي يجدر بالطرفين تركهما، والوقوف عند الصواب والخطأ، وكل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون، ومن التوبة وقف القتال والاحتكام للعقل والقانون، رحم الله القتلى، وعافى الجرحى، وحفظ أهلنا في عين الحلوة من كل شرّ يتربص بهم.