هل كان الهدف من لقاء الأمناء العامين في العلمين على الساحل المصري تحقيق المصالحة؟ لو كان ذلك هو الهدف، فقد تحققت المصالحة قبل أن يلتقي الأمناء العامون في العلمين، كان ذلك في تركيا قبل أيامٍ، حين تصافح المتخاصمان، وتحققت المصالحة قبل ذلك في الجزائر، وتحققت المصالحة بين الأطراف الفلسطينية قبل ذلك التاريخ في أكثر من عاصمة عربية، فقد التقى الجمعان في قطر وفي مكة وفي القاهرة وفي اليمن وفي روسيا وفي بيروت، وتصافح الخصمان، وابتسم الأول في وجه الثاني، ولا خلافًا شخصيًا بين المجتمعين، ولا داعي لمواصلة المطالبة بتحقيق المصالحة.
الفلسطينيون بحاجة إلى إنهاء الانقسام، وإيجاد القاسم السياسي المشترك، الذي يمكنهم من مواجهة عدوهم وتحرير أرضهم، وإنهاء الانقسام له شروط، أولها التوافق على قواسم سياسية مشتركة، وتنسيق ميداني موحد، وهذا ما تطالب به كل التنظيمات الفلسطينية التي التقت في العلمين، وتلك التي رفضت اللقاء، باستثناء تنظيم حركة فتح، الذي يصرُّ على فرض منهجه السياسي الوحيد، على مجمل الساحة الفلسطينية، ويصرُّ على عدم الشراكة لا في القرار، ولا في الميدان.
فما العمل؟ كيف يخرج المجموع الفلسطيني من هيمنة التنظيم الواحد؟ كيف نصنع شراكة سياسية وميدانية؟ كيف يفرض الشعب الفلسطيني وتنظيماته الشراكة على الطرف الرافض فرضًا؟ لتفرز سياسة فلسطينية موحدة، يلتزم بها الجميع؟
اقرأ أيضا: شعبٌ غير متفائل.. ولقاءات تنظيمية متكررة
تقع المسؤولية على التنظيمات الفلسطينية، وهي التي تقود مجمل الشارع، وتوحي له، وهي التي تفتش عن مكان لها في القرار الفلسطيني، وهي التي يتوجب عليها أن تكون صريحة في مواقفها، جريئة في طرحها، عليها أن تعلن بصوت جلي: لا لقاءات تحت سقف أوسلو، لا اجتماعات ونقاشات طالما كانت اتفاقية أوسلو هي المرجعية للقرار الفلسطيني، لا حديث عن إنهاء الانقسام قبل التخلص من أسباب الانقسام، والإفرازات التي أوجبت الانقسام، وأوجدته على الساحة السياسية الفلسطينية، قبل أن يتجسد انقسامًا مريرًا على أرض الواقع.
اتفاقية أوسلو ليست قدر الفلسطينيين، اتفاقية أوسلو وافق عليها جزء من الشعب الفلسطيني، في مرحلة معينة من تاريخه، ورفضتها الأغلبية، اتفاقية أوسلو لم تطرح للتصويت الشعبي، ولم توافق عليها قيادة منتخبة ديمقراطيًا، وإذا كانت الموافقة على مخرجات اتفاقية أوسلو حالة اضطرارية، ولمرحلة انتقالية، فذلك يعني أن الاتفاقية قد انتهت عمليًا مع انتهاء المرحلة الانتقالية التي حددتها الاتفاقية سنة 1999، وما زاد عن ذاك التاريخ فهو فائض ضياع للقضية الفلسطينية.
وكي لا تتكرر الأخطاء، وكي لا ينقسم الصف المقاوم لأسلو، بين داخل وخارج، وكي لا نعطي شرعية لبقايا أوسلو، ولعجلها المقدس؛ التنسيق والتعاون الأمني، وكي لا يضيع المزيد من الوقت الفلسطيني، وكي لا ينخدع الناس بسراب اللقاءات العبثية، وكي يتمايز الخبيث التكتيكي عن الطيب الإستراتيجي، يتوجب على تنظيمات المقاومة الفلسطينية أن تعلنها صريحة وواضحة، لا لقاء، ولا تقارب، ولا حديث مع أي طرف فلسطيني يلتزم ببنود اتفاقية أوسلو، فالتخلص من اتفاقية أوسلو هو بداية الخلاص من الانقسام، وهو بداية الخط السياسي السليم، والمفضي إلى الهدف، وهو بداية التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، الذي عد اتفاقية أوسلو فرصته الثمينة، التي ضمن له أمنه، وطمأنت مستوطنيه على مستقبلهم، وأطلقت أجنحة المتطرفين الصهاينة، لترفرف بالتطبيع في المنطقة العربية، وهي ترجم المسجد الأقصى بحجارة من التخاريف التوراتية.