فلسطين أون لاين

أعلنه أمازون شريكًا رئيسًا له

تقرير "سيلنفو".. رحلة النجاح من غزة تنافس في السوق الأوروبية

...
أحمد الصعيدي وسيلنفو
إسطنبول/غزة– فاطمة الزهراء العويني:

لم تكن ظروف غزة معيقة أمام المهندسَيْن أحمد الصعيدي وعبد السلام الزين لإنشاء شركتهم البرمجية الخاصة والمنافسة بها على مستوى عالمي، حتى حققا إنجازات لم تُتح لكثيرٍ من الشركات الشرق أوسطية في هذا المجال، بإعلان شركة (‏‎Inspire It Solutions‎‏) شريكًا لـ"أمازون" العالمية.

بدأت مسيرة الشركة في عام 2020م من غزة بعد ست سنوات من تقديم مهندسَي برمجة المعلومات عبد السلام الزين، وأحمد الصعيدي الخدمات البرمجية عبر منصات العمل الحر إذ كانت البدايات والأخطاء والدروس وصولًا إلى ريادة الأعمال، فشركتهما هي مالك ومطور منتج "سيلنفو SellEnvo"، وهو أداة لإدارة الأعمال التجارية والسوقية عن بُعد.

يقول الصعيدي: "كنا نعمل على منصات العمل الحر كمستقلين وأصبح لدينا علاقات جيدة بكثير من الزبائن تطورت للعمل معًا بعيدًا عن تلك المنصات، وبالعمل المتواصل في المجال وضعنا أيدينا على نقاط الضعف في هذا العمل".

السوق المفتوحة

ويشرح بالقول: "رصدنا المشاكل التي تكررت كثيرًا معنا التي تحتاج لحل تكنولوجي، ومن هذه النقطة أنشأنا شركتنا في غزة وسجلناها رسميًا، ولاحقًا سجلناها أيضًا في هولندا (حيث يقيم الزين حاليًا) وأمريكا".

وعن سبب سعيهم لتسجيل الشركة في هولندا، يوضح أن طبيعة منتج "سيلنفو" يحتاج إلى سوق مفتوحة تتوافر فيها عوامل نجاح العولمة الاقتصادية التي تعتمد على سوق مفتوحة تمكّن الشركة من التواصل بسهولة مع السوق الأوروبية التي تشهد تزايدًا في الطلب على التكنولوجيا، "وهذا يعني فرصًا أفضل للحصول على عدد أكبر من المشاريع، وفرصًا عظيمة لمد جسور علاقات الأعمال وهو ما يمكن تحقيقه في بيئة مغلقة ومحدودة كالأراضي الفلسطينية".

وتحقق هذا الهدف أخيرًا، بإعلان شركة "أمازون" اعتماد "سيلنفو" مزود خدمة كطرف ثالث، "فنحن نقدم خدمات تكنولوجية للزبائن الذين يتعاملون مع أمازون وهذا لا يمكن أن يكون سوى بتصريح رسمي منها".

وخضع "سيلنفو" في رحلة اعتماده من "أمازون" لقرابة عشرة أشهر من الاختبارات القوية والمتواصلة، "فاعتماد أمازون لا تناله سوى شركات محدودة في العالم"، يؤكد الصعيدي.

وبذلك بات "سيلينفو" أول منتج تكنولوجي تُقدم شركة فلسطينية تنال اعتماد "أمازون" وستكون الأولى في الشراكة معها في برنامجها الجديد "البيع المحلي" أو (local selling) الذي يقوم على تمكين بيع منتجات لم يكن ممكنًا بيعها مسبقًا عبر الإنترنت لصعوبة تخزينها أو لكونها ثقيلة جدًا كالزهور وإطارات السيارات.

ويوضح الصعيدي أن البرنامج الجديد أدخل منتجات لم تكن تستطيع "أمازون" تسويقها عبر الإنترنت في الشرق الأوسط، وتعمل به في أوروبا وأمريكا.

ونجحت الشركة الفلسطينية الرائدة في المشاركة بالعديد من المؤتمرات العالمية كان (2022 select USA) وهو أكبر حدث استثماري في العالم يعقد في واشنطن برعاية من الحكومة الأمريكية، "وشاركت سيلينفو به كواحدة من أفضل عشرين مشروعًا ناشئًا في مجال خدمات التجارة الإلكترونية حول العالم".

كما رشحت الشركة للمشاركة في مؤتمر (leap tech) بالسعودية كواحدة من أفضل 90 شركة تكنولوجية ناشئة حول العالم.

ويصف الصعيدي السوق السعودي في القطاع التكنولوجي بأنه الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "وتضخ فيه استثمارات ضخمة جدًا في مجال التكنولوجيا والتكنولوجيا الفائقة، والولوج للسوق السعودي يمثل مدخلًا للسوق الخليجي بأكمله". 

أما في بريطانيا كانت آخر نشاطات الشركة الفلسطينية لهذا العام المشاركة في "أسبوع لندن التكنولوجي" الذي مثَّل فرصة لشراكات وزبائن جدد.

آلية عمل الشركة

وعن آلية عمل الشركة، فيبين الزين أن العمل برمته يعتمد على البيع، وهي عملية من ثلاث مراحل: ما قبل البيع، والبيع نفسه، وما بعد البيع، مشيرًا إلى أن "سلينفو" يهتم فقط بالمرحلتين الأولى والثالثة، "ففي عملية ما قبل البيع يساعد "سليفنو" العميل على تجهيز ونشر قوائم التسوق، ويعطي فرصة لنشر القوائم المتوفرة من المنتجات في عدد كبير من المتاجر في نفس الوقت، إضافة إلى متابعة المخازن".

أما على صعيد عمليات ما بعد البيع التي يسعى فيها العميل للتأكد من وصول المنتج إلى المستهلك سليمًا ودون أي أخطاء، فيتيح "سلينفو" لعملائه التعامل مع العديد من شركات التوصيل من المكان نفسه ودون الحاجة إلى نقل البيانات.

في هذا الجانب يضيف الزين: "يعمل "سيلينفو" على تنظيم العلاقة بين أي عملية بيع وشراء في جميع المخازن، فإذا ما تمت عملية في أحدها تُشعر بقية المخازن تلقائيًا، كما نعمل على أتمتة وتوحيد العمل على منصات ما قبل وبعد البيع حتى نوفر الوقت والعمالة، فأهم عوائق البيع على الإنترنت صعوبة توسع الشركات العاملة في المجال لأن كلفته باهظة جدًا".

خبرات فلسطينية ونصائح

وتعمل شركة (Inspire It Solutions) بطاقم عمل مؤلف حاليًا من اثنين وعشرين شخصًا ما بين مهندسين ومسوّقين ومبرمجين وغيرها، وهي في طور العمل لضم قرابة 12 شخصًا في مرحلة قريبة.

ويؤكد الصعيدي والزين اعتماد الشركة أساسًا على خبرات المهندسين والمبرمجين الفلسطينيين في قطاع غزة، "فهم من بين الأفضل في العالم، لديهم إمكانيات عالية جدًا أهلتهم للعمل في شركات عالمية كبرى، منها أمازون، وبوكنج، وبوش.

وينبه إلى أن الشركة تعمل ضمن "استراتيجية ذكية" تعتمد على التمويل الذاتي وبعيدًا عن "سطوة المستثمرين".  

ويوجه الرياديان نصيحة لكل من يريد أن يقتحم مجال ريادة الأعمال بأن الإدارة سليمة للمشروع تمكنك من الاستحواذ على مشروع جديد كلما انتهى آخر، ومع مرور الوقت سيصبح لديك خبرة في التعامل مع العملاء، وتتشكل لديك مهارات التسويق واختيار المشاريع الصحيحة وغير ذلك من المهارات التي "استغرقنا وقتًا طويلًا لاكتسابها، وكان يمكن أن نختصر الوقت ونحصل على نتائج أفضل لو أننا اعتمدنا منذ البداية على متخصصين في مجالَي التسويق والإدارة".

ويشيران كذلك إلى ضرورة الانتباه بشأن نوعية الأشخاص الذين قد تدخل معهم في عقد شراكة أعمال "فليس كل ما يلمع ذهبًا، وعليك التأكد بأن هذا الشخص موثوق ولديه إمكانات ومهارات حقيقية في مجال العمل، ولديه اتصالات وثيقة، عليك أن تعلم ماذا يمكن أن يقدم وتشاهد بنفسك أعمال قد أنجزها بالفعل قبل التعاون معه".

"كما عليك أن تعطي مساحة وفرصة للذين سيقع على عاتقهم إدارة الشركة ليكونوا حازمين في مهمة متابعة تفصيلات العمل، كالإدارة ومواعيد التسليم لأن هذه الأمور تؤثر بصورة كبيرة في فاعلية العاملين والخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة، وتؤثر أيضًا على تركيز مدير الفريق التقني".

ويختما بالقول: "التكنولوجيا مجال لا يعرف الحدود، حتى لو كانت ظروف غزة صعبة فإنها لا تحول دون وصول المهندسين والبرمجيين للعالمية، فالجميع يمكنه أن يحسّن من خبرته وإمكانياته من التعلم عبر الإنترنت، والحصول على وظائف مرموقة".