لم تكن المحكمة العليا في دولة الاحتلال عقبة أمام الاستيطان، أو مشاريع الضم المتدرج. بعض الدراسات العبرية قاربت تداعيات قرار إضعاف سلطات المحكمة العليا على الفلسطينيين، فوجدت أنها تداعيات سلبية؛ لأنها تزيد من الاستيطان دون قدرة للقضاء على التدخل، وأنها تسرع مشاريع ضم مناطق من الضفة الغربية إلى (إسرائيل).
طبعًا الإعلام العبري لم يُبدِ اهتمامًا بتداعيات إضعاف القضاء على الفلسطينيين، واهتم فقط بما يمنحه قرار (عدم المعقولية) لنتنياهو من التهرب من تهم الفساد، وما يمنحه له من فرصة لتعيين المدان درعي وغيره في مناصب مرموقة.
الانقسام الذي تشهده دولة الاحتلال في المجتمع وفي الجيش لا علاقة له بالاستيطان والضم، لأن الفريقين (الحكومة والمعارضة) يؤيدان الاستيطان، ويشجعان المستوطنين، ويؤيدان الضم، ولا يعترضان على ضم الأغوار ابتداء، وهكذا يمكن القول إن لعبة القضاء بين الحكومة والمعارضة ليس للفلسطيني فيها ناقة ولا جمل، لذا لا تكاد تجد لها تغطية في الإعلام الفلسطيني. إنها لعبة داخلية، وصراع مصالح بين الأحزاب والقوميات اليهودية المختلفة والمتنازعة بحكم توجيهات الحاخامات.
اقرأ أيضًا: الحرب الأهلية "الإسرائيلية": الابنة الشرعية للانقلاب القضائي
اقرأ أيضًا: الصراع السياسي الذي زلزل أركان الاحتلال
إن ما يعنينا متابعته نحن الفلسطينيين هو حالة الانقسام، وحالة التنازع، وحالة تمرد عناصر من الجيش، في مجتمع لا يجتمع معًا إلا في مواجهة الفلسطينيين، (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)، وتلكم طبيعة الشخصية اليهودية تاريخيا، وهم يتوارثون هذه الطبيعة، التي ستساعدنا على ذهاب دولتهم، ولا سيما إذا اشتد الخلاف والتنازع، وإذا ما تراجع الموقف الأميركي عن احتضان مجتمع منقسم، ودولة تذهب بخطى سريعة نحو الديكتاتورية الدينية.
نحن فلسطينيًا لا نملك قدرة على زيادة انقساماتهم، ولا قدرة على التأثير في أطراف النزاع، وتدخلنا يوحدهم، فهم يتوحدون في مواجهتنا، ومن تمرد عن الخدمة من عناصر الجيش يسارع في العودة للجيش لمواجهتنا، وهذه أمور نعرفها سابقًا، ومع ذلك علينا دعاء الله القدير أن يجعل بأسهم بينهم شديدًا، وأن يمزق مجتمعهم، وأن يفرق كلمتهم، وأن يجعل من ذلك خلاصًا لنا منهم ومن الاحتلال.