فلسطين أون لاين

أفشلت مخطط "البوابات الإلكترونية" على أبواب المسجد

"هَبة الأقصى".. دماء جديدة في عروق "انتفاضة القدس"

...
مواجهات بين قوات الاحتلال والمرابطين بالقرب من المسجد الأقصى بعد منع الصلاة فيه (أرشيف)
القدس المحتلة / غزة - أدهم الشريف

كان مشهد دخول المصلين إلى باحات المسجد الأقصى المبارك في 26 تموز (يوليو) الماضي يومًا فارقًا في حياة المواطنين المقدسيين، بعد 12 يومًا انخرطوا خلالها في معركة "البوابات الإلكترونية" التي فشلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فرضها بعد ردة فعل أهالي المدينة التي أجبرت رئيس حكومة الاحتلال اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو، على الانسحاب أمامها.

جاءت هذه المعركة التي توحدت فيها كافة أطياف وفئات شعبنا في مدينة القدس المحتلة، لتعطي دفعة قوية لانتفاضة القدس المستمرة إلى هذا اليوم، والتي اندلعت في الأول من أكتوبر من عام 2015م، وانبرى خلالها الشباب الفلسطيني بالذود عن أعراضه ومقدساته في وجه جرائم الاحتلال التي كانت تعتقد (تل أبيب) جازمة أنها لا تجد رد فعل رادعا لوقفها.

فبينما كان الاحتلال يصعد من انتهاكاته التعسفية بحق القدس وأهلها ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، حاول وضع بوابات الكترونية ليس بإمكان أحد الوصول إلى المسجد الأقصى إلا بالمرور عبرها، في أعقاب عملية فدائية نفذها 3 شبان ينتمون لعائلة "جبارين" من مدينة أم الفحم، أودت بحياة اثنين من عناصر شرطة الاحتلال.

في المقابل، هبَّ المقدسيون في وجه تثبيت البوابات على مداخل الأقصى، وفوجئت سلطات الاحتلال بذلك، وهو ما يؤكده الخبير في شؤون القدس، الدكتور جمال عمرو.

وأضاف عمرو لصحيفة "فلسطين": إن "دور المقدسيين في الدفاع عن الأقصى كان مشرفًا بكل المقاييس، ومفاجئًا للاحتلال الإسرائيلي، الذي ظنَّ أن بوسعه تمرير مخططاته كما نجح مسبقًا في نسف البيوت، وتدمير المقابر، والاعتداء على المقدسات الإسلامية، وسحب الهويات".

وتابع "لكن عندما وصل الأمر إلى الأقصى، أدرك الاحتلال أنه ليس أمرا سهل المنال منه بعد أن اصطدم بغضب شامل عارم جماعي في وجهه".

ورأى أن ما ساعد هبة المقدسيين، حالة الصمود والدعم المعنوي والنفسي، وقد نجحت في تحقيق انجاز على اثر التضامن منقطع النظير، مضيفًا "الكل كان في خندق واحد دفاعًا عن الأقصى، فادرك الاحتلال أن للأقصى مكانة استثنائية وعليه أن ينحني أمام العاصفة المقدسية العارمة التي انتفضت في وجهه، وعليه أن يفكر في حل بديل".

واعتبر أن "الاحتلال ينظر بعين الريبة بعد أن فشل في ترويض العقل الوطني والإسلامي الفلسطيني مع مرور الزمن، حتى لو قدم تسهيلات شكلية هنا أو هناك. فكل ذلك تحطم أمام المساس بالمسجد الأقصى".

وأكمل د. عمرو أن "الاحتلال يفكر كيف بوسعه أن يحقق السيطرة على الأقصى في الوقت الذي وجد فيه جوابًا واضحًا في الأقصى، بأن له مكانة ومنزلة استثنائية في عقل ووجدان المقدسيين".

ولفت الأنظار إلى أنه في أعقاب انتصار المقدسيين في معكرتهم عليه، بدأ في تصعيد حالة الانتقام الفردي من المرابطين والمرابطات والمتضامنين والمعتصمين والشخصيات المقدسية.

كما حاول ابتداع أساليب أخرى لاختراق المجتمع المقدسي، في وقت يدرك فيه أن بوسع المقدسيين فعل الكثير بمناصرة فلسطينية عربية إسلامية دولية في حال المساس بالمسجد الأقصى.

وأكد أن الاحتلال يقوم بحملات مراجعة معمقة، ومحاكمات واستدعاءات وتحقيقات عن دور المقدسيين في الدفاع عن الأقصى، وتحليلات لمقاطع الفيديو والصور، وكل الذين حقق معهم سئلوا عن مكانتهم ومدينتهم، ودورهم في الهبة الأخيرة.

وعلى اثر ذلك، يفرض الاحتلال طوقًا أمنيًا عسكريًا على محيط المسجد الأقصى لتأمين، اقتحامات قطعان المستوطنين للمسجد المبارك، والقدس القديمة، وحائط البراق.

أما مستشار الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ ياسر أبو غزالة، أكد أن لدى المقدسيين همما عالية مدفونة، استحضروها خلال الهبة الأخيرة، وكان مفعول هذه الهمم كبيرا وذا أثر ايجابي.

وفي اتصال هاتفي بـ"فلسطين"، رأى أبو غزالة، أن هبة المقدسيين بشكلها وعنفها، انطلقت من عقيدة أن المسجد المبارك أو القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.

وأضاف "المساس بعقيدة المقدسيين جعل صغيرهم وكبيرهم نساءهم ورجالهم ينتفضون نجدةً للمسجد الأقصى، ودفاعًا عن الأقصى".

واعتبر أبو غزالة أن زخم الهبة الجماهيرية جعل الاحتلال يرتجف، لكنه رأى أنها لم تستثمر بالشكل المناسب، وكان يفترض المطالبة بأشياء أكثر من إزالة البوابات، كالمطالبة بمفاتيح باب المغاربة، وفتح باب الأسباط، أو تحرير باب الرحمة الذي ما زال الاحتلال يجسم عليه، ويمنع الأوقاف الإسلامية من ممارسة مهامها هناك.

وتابع أن الاحتلال تلقى رسائل كثيرة من هبة المقدسيين أهمها أن الأمة الإسلامية، لا تهين ولا تلين، وأنها ما دامت متمسكة بعقيدتها ودينها فهي تستطيع فعل الأعاجيب في الدفاع عن مقدساتها.