عمليات فردية ومفاجئة، لكل واحدة تفاصيلها وأبعادها، بعيدا عن المنظومة الفصائلية، والتخطيطات العسكرية، لكنها تركت حكاية ورسالة خطت بدماء أبطالها ومنفذيها، فأفشلت جميع محاولات وأدها، وأربكت الحسابات الأمنية الإسرائيلية بمختلف مستوياتها.
وانطلقت شرارة انتفاضة القدس، مطلع أكتوبر/ تشرين أول 2015م، التي لا تزال جذوتها مشتعلة في وجه الاحتلال وإجراءاته العنصرية ومخططات الاستيطانية بالضفة والقدس المحتلتين.
وبلغ عدد شهداء انتفاضة القدس، وفقا لآخر إحصائية نشرها موقع الانتفاضة نهاية شهر أغسطس الماضي، 347 شهيدا، (بينهم 83 طفلا أعمارهم أقل من 18 عاما و32 أنثى).
وبحسب الإحصائية، هناك 70 شهيدا من مدينة وضواحي القدس و11 شهيداً من الداخل المحتل، و52 شهيدا من قطاع غزة، و4 شهداء عرب، و184 شهيدا أعدموا في عمليات طعن أو دهس أو اشتباه بذلك.
عمليات نوعية
وبالعودة إلى الوراء، وخاصة عقب إعدام الاحتلال الشهيدة هديل الهشلمون بمدينة الخليل في 22 سبتمبر/ أيلول 2015م، انطلقت العملية الفدائية الأولى، بتاريخ 1 أكتوبر من ذاك العام قرب مستوطنة "إيتمار" بنابلس، والتي أدت لمقتل ضابط إسرائيلي من وحدات النخبة، وزوجته، وادعى الاحتلال بعد ذلك اعتقال الخليلة المنفذة.
وبعد يومين، 3 أكتوبر، نفذ الشهيد مهند الحلبي، عمليته النوعية والمزدوجة في البلدة القديمة بالقدس، والتي استخدم خلالها السلاح (خطفه من أحد الحاخامات) والسكين، فقتل مستوطنين وأصاب ثلاثة آخرين.
وبعد أيام قليلة، وقعت عملية الحافلة، إطلاق نار وطعن في الثالث عشر من الشهر ذاته، نفذها الشهيد بهاء عليان، والأسير بلال غانم، وأسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح آخرين، إضافة إلى عملية دهس وطعن نفذها الشهيد علاء أبو جمل، وأسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة 7 آخرين.
وتلاها عملية إطلاق النار للشهيد مهند العقبي بتاريخ 18 أكتوبر، التي أطلق خلالها النار في محطة للحافلات الإسرائيلية في بئر السبع المحتلة، وأسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وعامل أريتيري وإصابة 11 آخرين.
وفي التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015م, اعتقل الاحتلال رائد محمود خليل المسالمة (38 عامًا) من مدينة دورا جنوب الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد تنفيذه عملية طعن في شارع "بنتسفي" جنوبي مدينة (تل أبيب) أسفرت عن مقتل مستوطنين وإصابة آخرين ما بين خطيرة ومتوسطة.
وشهد 19 نوفمبر أيضًا، مقتل مستوطنين إسرائيليين وإصابة ثمانية آخرين بعمليتي إطلاق نار ودهس على مفترق تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" شمال محافظة الخليل، واعتقل الاحتلال منفذ العملية محمد عبد الباسط الحروب (24 عامًا) من بلدة دير سامت جنوب غرب الخليل.
بطولات 2016م
وافتتح الشهيد نشأت ملحم، العمليات الفدائية للعام الجديد، 2016، بتنفيذه عملية إطلاق نار في شارع "ديزنغوف" وسط (تل أبيب)، أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 10 آخرين، ما أحدث ارتباكا واسعا في جميع أجهزة أمن الاحتلال.
وبتاريخ 25 يناير، قام الشابان حسين أبو غوش وإبراهيم علان بقتل مستوطنة قرب مستوطنة "حورين" غرب رام الله، واستشهدا بعد إطلاق النار تجاههما من قبل جنود الاحتلال.
وسجل الفدائيون الثلاثة، بتاريخ 3 فبراير، أحمد أبو الرب، محمد كميل، أحمد زكارنة من جنين، عملية فدائية مزدوجة إطلاق نار وطعن بمنطقة باب العامود بالقدس المحتلة ما أدى لمقتل مجندة إسرائيلية وجرح ثلاثة آخرين، فيما نفذ الشهيد بشار مصالحة بتاريخ 8 مارس، عملية طعن في ميناء يافا وأدت إلى مقتل مستوطن وإصابة 10أخرين.
وفي عملية نوعية، نفذها الشهيد عبد الحميد محمد أبو سرور (19 عاما) من مخيم عايدة شمال بيت لحم في الثامن عشر من أبريل/ نيسان 2016م، استهدف حافلة إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، أدت لإصابة 21 مستوطنًا بجروح وحروق.
وأثارت عملية (تل أبيب) البطولية في الثامن من يونيو/ حزيران 2016م، التي نفذها المقاومان: محمد مخامرة، وخالد مخامرة، من بلدة يطا جنوب مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المياه الراكدة في عمليات الانتفاضة، بعدما أدت لمقتل 4 إسرائيليين وإصابة 16 آخرين جراح بعضهم خطيرة.
وفي الثلاثين من يونيو/ حزيران 2016م, استشهد الشاب محمد طرايرة بعد تنفيذ عملية طعن بمستوطنة "خارسينا" شرق مدينة الخليل، أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة آخر.
فيما شهد الأول من يوليو/ تموز 2016م، مقتل حاخام كبير وإصابة ثلاثة آخرين، وذلك إثر استهداف مركبة إسرائيلية بعملية إطلاق نار قرب مستوطنة "عتنائيل" اليهودية المقامة على أراضي بلدة "السموع"، جنوب مدينة الخليل، نفذها محمد الفقيه الذي استشهد بعد ذلك في 27 يوليو/ تموز في اشتباك مع قوات الاحتلال استمر لنحو سبع ساعات في بلدة صوريف شمال غرب الخليل.
وفي 9 تشرين أول/ أكتوبر 2016م قتل ضابط إسرائيلي ومستوطنة وأصيب عدد من المستوطنين والجنود بجراح خطيرة، خلال عملية إطلاق نار متدحرجة في مدينة القدس المحتلة، نفذها الشهيد مصباح أبو صبيح.
الانتفاضة مشتعلة
كما شهد بداية عام 2017م، وتحديدا 8 يناير، عملية الشاحنة التي نفذها الشاب المقدسي فادي قنبر، ضد عدد من جنود الاحتلال في منطقة جبل المكبر بالقدس، قتل خلالها أربعة جنود إسرائيليين وأصيب أكثر من 15 آخرين بجراح متفاوتة.
وفي ذات الشهر (يناير)، شهد مقتل مستوطنة إسرائيلية في عملية طعن نفذها الفتى مراد ادعيس (16 عامًا) بمستوطنة "عتنائيل" بالخليل، وعلى إثر ذلك قام الاحتلال بهدم منزل الشهيد.
هذا، واستشهد المثقف باسل الأعرج (31 عاماً) من بيت لحم، بتاريخ 6 مارس/ أذار 2017، بعد اشتباكه مع قوات الاحتلال لأكثر من ساعتين في مدينة رام الله، بعد أن ظل مطاردا لمدة ستة أشهر.
وفي يوم تاريخي بالقدس، بتاريخ 14 تموز/ يوليو الماضي، اشتبك كل من: محمد أحمد جبارين، ومحمد أحمد جبارين، ومحمد حامد جبارين، من بلدة أم الفحم، مع قوات الاحتلال قرب المسجد الأقصى، ما أسفر عن استشهادهم ومقتل شرطيين إسرائيليين.
وأدت عملية الجبارين الثلاثة إلى تصعيد انتفاضة القدس بعدما أغلقت سلطات الاحتلال المسجد الأقصى لأول مرة منذ احتلال القدس عام 1967م، وهو ما أحدث غضبا شعبيا ومواجهات في كافة أراضي الضفة والقدس والداخل المحتل، أدت لاستشهاد 5 مواطنين وجرح المئات، وانتهت بتراجع الاحتلال عن إجراءاته وإزالة البوابات الإلكترونية من أمام أبواب المسجد المبارك.
وخلال هبة المقدسيين، ومواصلتهم الرباط أمام بوابات الأقصى، نفذ الشاب الأسير عمر عبد الجليل العبد، بتاريخ 21 تموز/ يوليو 2017، عمليته الفدائية في مستوطنة "حلميش" قرب رام الله، والتي قتل خلالها 3 مستوطنين طعنا.
وفي ظل مزاعم الاحتلال وأجهزته الأمنية، بالقضاء على انتفاضة القدس، وملاحقته للخلايا المسلحة في الضفة المحتلة، استيقظ جيش الاحتلال صباح السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول على وقع صفعة قاسية بالقدس، وبتنفيذ الشهيد نمر جمل (37 عامًا) من بلدة بيت سوريك، بعد أن نفذ عملية بطولية على مدخل مستوطنة "هار أدار" شمال غرب القدس أسفرت عن قتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة رابع بجراح خطيرة.