فلسطين أون لاين

"الفقر وغلاء المعيشة".. سياسة إسرائيلية لتوسيع جرائم القتل بالداخل

تظاهرات في الداخل الفلسطيني المحتل احتجاجا على تفشي الجريمة- أرشيف
تظاهرات في الداخل الفلسطيني المحتل احتجاجا على تفشي الجريمة- أرشيف

تعمل حكومة المستوطنين الفاشية وفق سياسة ممنهجة قائمة على إبقاء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية "متردية" في المدن والأحياء الفلسطينية في الداخل المحتل، وذلك ضمن مخططاتها الرامية إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف بين أوساط المجتمع الفلسطيني.

وتزداد نسبة الفقر عاما بعد الآخر بفعل سياسة "ازدواجية المعايير" التي تتبعها سلطات الاحتلال في التعامل مع المجتمع الفلسطيني مقارنة مع المجتمع الإسرائيلي، إذ وصلت تلك النسبة إلى 50% خلال السنوات الأخيرة، حسبما يذكر مراقبون.

ويؤكد المراقبون في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، أن نسب البطالة ارتفعت بين صفوف الشباب في مدن الداخل المحتل، الأمر الذي يدفع بعضهم إلى الانحراف والانضمام إلى منظمات الإجرام؛ بغية الحصول على الأموال.

يقول الناشط السياسي والاجتماعي في النقب المحتل سالم الوقيلي: إن "هناك تدنيًا واضحًا في مستوى المعيشة لدى الفلسطينيين في الداخل مقارنة مع الإسرائيليين، وذلك بفعل سياسات حكومة الاحتلال العنصرية".

ويوضح الوقيلي لصحيفة "فلسطين"، أن هناك عدّة أسباب لتردي الأوضاع الاقتصادية، أبرزها: منع الفلسطينيين من الانخراط في الوظائف الحكومية، وتضييق الخناق على إعطاء الهبات والسماح بإقامة مشاريع ودعم أخرى، حتى وصل الأمر إلى مخصصات "التأمين الوطني".

وبحسب قوله، فإن عدم تلقي المواطنين الفلسطينيين القروض من بعض الشركات، وفرض الشروط الصعبة لاستكمال توفير متطلبات الحياة الكريمة، ينعكس سلبيًّا على واقع الفلسطينيين، عبر توسيع دائرة الإجرام والعنف.

ويضيف أن هذه الأسباب تؤدي إلى ضائقة مالية ومعيشية، الأمر الذي يدفع الشباب الصاعد للانخراط في مجتمع العنف في ظل انسداد الأفق السياسي.

ويحذّر من أن سياسة انحسار مصدر المعيشة يولد انفجارا في المجتمع الفلسطيني، مستبعدا انحسار هذه الحالة في الوقت الراهن بفعل سياسات شرطة الاحتلال التي تساهم في نشر السلاح والفوضى، مؤكدا أن الجريمة توسعت بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية.

منظمات الإجرام

بدوره، يؤكد المدير العام للجنة القطرية لرؤساء المجالس المحلية العربية أمير بشارات، أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تشهد تدنيا كبيرا في المدن الفلسطينية بالداخل المحتل.

ويقول بشارات لصحيفة "فلسطين": إن غلاء المعيشة، واتساع العنف، وسيطرة منظمات الإجرام على المصالح التجارية والتشغيل والحيز العام، يؤدي إلى تدني الأوضاع الاقتصادية في الداخل المحتل.

ويوضح أن هناك زيادة في نسبة البطالة، والتسرب من التعليم والمدارس، ساهم أيضا في اتساع رقعة الجريمة، لافتا إلى أن 30% من شريحة الشباب في الداخل المحتل "بدون تأطير" أي أنهم بلا تعليم أو تأهيل صناعي وغيره.

ويبيّن أن المنافس الكبير لقطاع التشغيل أصبح هو عامل الإجرام، من خلال استقطاب العديد من الشباب إلى منظمات الإجرام، الأمر الذي زاد أعدادهم بشكل كبير.

ويضيف: إن "بعض الشباب الفلسطيني أصبح يتوجه لعالم الإجرام؛ بسبب عدم وجود فرص عمل لهم"، مؤكدا أن هناك علاقة مباشرة بين الوضع الاقتصادي، وزيادة الإجرام في الداخل المحتل، لافتاً إلى شح التمويل الذي تتلقاه المجالس المحلية.

وبحسب بشارات، فإن المجالس المحلية تبذل جهودا كبيرة من خلال التواصل مع حكومة الاحتلال المتطرفة، من أجل إنجاز مشاريع تخفف من حالة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

ويشير إلى أن المجالس تسعى إلى إقامة مناطق صناعية جديدة، وتعزيز وتطوير المصالح التشغيلية، وتوفير وسائل مهنية وأكاديمية قادرة على استقطاب الشباب الفلسطيني ودمجهم في العمل والتعليم، في سبيل إبعادهم عن مستنقع الجريمة.

من ناحيته، يصف مدير مؤسسة "بنان" للنشر والإعلام في الداخل المحتل سلمان عبيد، الوضع الاقتصادي في الداخل المحتل بأنه "سيء للغاية"، وآخذ بالتدهور يوماً بعد آخر، بفعل سياسات الاحتلال التهويدية.

ويبيّن عبيد لـ "فلسطين"، أن ممارسات الاحتلال التهجيرية القائمة على طرد الأهالي من المسكن والأرض شكلّت عاملاً مهماً في انتشار مظاهر العنف والقتل واتساع حلقات الإجرام التي تتعامل مع السوق السوداء.

ويشدد على أن "الأوضاع الاقتصادية صعبة في ظل كثرة المتطلبات اليومية وقلة فرص العمل المتاحة، الأمر الذي يدفع الكثير من الشبان إلى اللجوء للسوق السوداء"، منبهاً على ظهور "ثقافة المفاخرة" بين الشباب، التي تتمثل بشراء السيارات الفارهة، وبناء البيوت تقليدا للآخرين، الأمر الذي يدفع إلى زيادة الجريمة من أجل الحصول على تلك الأموال.

ويبين أن العائلات الفلسطينية تدفع ثمن أخطاء أبنائهم الذين يمارسون هذه المظاهر، ما سيؤدي إلى حدوث نتائج وخيمة وهي القتل.

وارتفعت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي منذ مطلع العام الجاري، إلى 121 قتيلًا.

اخبار ذات صلة