ينشطر قلب ميرفت سراحنة بين شوق أبنائها لوالدهم الأسير، وعدم قدرة أحدٍ من العائلة على الوصول له وزيارته في اعتقاله طويل الأمد، ما يجعلهم يتنسمون أي خبر يحمله لهم أهالي الأسرى الذين يزورون أبناءهم أو من محررين تقاسموا مع والدهم "العيش والملح".
والأسير إبراهيم أحمد سالم سراحنة (52 عامًا) من القدس المحتلة محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة، وقضى حتى اليوم 21 عامًا منذ اعتقاله عام 2002، وهو متزوج من "ميرفت" الأم لخمسة أبناء و"إيرينا" أوكرانية الجنسية وأم لابنَتيْن.
وبالرغم من مرارة البعد و"ثقل المسؤولية" إلا أن العمر جرى بـ"ميرفت" وأبنائها الذين كان أصغرهم يبلغ من العمر عامين عند اعتقال والده، "مرت السنين بحلوها ومرها، قاسيتُ معهم كثيرًا في عدم وجود الأب، أن تكوني وحيدة في مواجهة أسئلة أطفالك الخمس أين والدنا؟ متى سنراه؟".
وتقول: "في الوقت ذاته ليس عليكِ كأم شابة أن تضعفي أمام أبنائك، بل يجب أن تظهري بمظهر القوة، لطمأنتهم وتكوني لهم الأب والأم في وقتٍ واحد، توفرين مستلزمات البيت وتُتابعين الدروس، وغيرها من المهام وحدك".
اقرأ أيضًا: حماس: نحذّر من تداعيات الاحتلال وسياساته ضدَّ الأسرى الأبطال
وتشعر "مرفت" بالفخر لكونها استطاعت تربية وتعليم أبنائها الخمسة، بالرغم من افتقادهم البالغ لأبيهم في كل مراحل حياتهم في رمضان والأعياد، في النجاح والأفراح والأتراح، ليتم الخمسة تعليمهم، وتزويج اثنيْن منهما، واليوم هي جدة لثلاثة أحفاد.
مرارة وألم
كل تلك المراحل كانت مشوبةً بالمرارة، إذْ إنّ الأبناء الخمسة منعوا جميعًا من زيارة والدهم بعد أنْ تخطوا سن الثانية عشرة من عمرهم فأصغرهم الآن في سن الثالثة والعشرين، "زوجي مقدسي، وأبنائي يحملون هوية الضفة الغربية حيث نقيم في بيت لحم، ولذلك فإنهم ممنوعون من زيارته".
ويعتصر الألم قلب "ميرفت" والأبناء، لعجزهم عن زيارة والدهم ومشاركته تفاصيل حياتهم، والاطمئنان على أوضاعه ما يجعلهم في تعطش شديد لسماع أي خبرٍ عنه من أهالي الأسرى الأقارب والجيران والأصحاب الذين يتمكنون من زيارة أبنائهم، أو من المحررين الذين كانوا مجاورين لأبيهم في زنزانته.
وما زاد "الطين بلة" أن "ميرفت" نفسها لم تزر زوجها منذ ثلاث سنواتٍ خلت، إذ دخلت في صراعٍ مع مرض السرطان، ولا تتحمل صحتها مشوار الزيارة المتعب، الذي تجعل منه إجراءات الاحتلال القاسية "مشوارًا مريرًا" حيث يخرج أهل الأسير قبيل صلاة الفجر، ولا يعودون لمنازلهم سوى في المساء بخلاف ما قد يتعرضون له من انتهاكات واعتداءات.
وبالرغم من طمأنة كل مَنْ يذهب لزيارة "إبراهيم" في معتقله لعائلته، إلا أن القلق يساور قلب عائلته، تقول زوجته:" كيف يمكن أن يكون حال شخصٍ حبيس أربع جدران ومحكومٌ بالمؤبد ست مرات و45 عامًا، وقضى زهرة شبابه بين قضبان السجون".
اقرأ أيضًَا: نتنياهو يسترضي المتطرف "بن غفير" على حساب الأسرى الفلسطينيين
وما يزيد معاناة الأسير سراحنة أن زوجته الثانية "إيرينا" وابنتَيها ممنوعات أيضًا من زيارته، لكونها كانت أسيرة سابقة أفرج عنها ضمن صفقة "وفاء الأحرار" بعد أنْ أمضت في سجون الاحتلال تسع سنوات من أصل عشرين عامًا حكم عليها الاحتلال بها في عام 2006م حينما اعتقلت برفقة زوجها إبراهيم بتهمة نقل منفذ عملية "ريشون لتسيون" الاستشهادي "عيسى بدير".
وتتابع ميرفت: "زوجي يقضي أيامه وسنينه وحيدًا دون أن يستطيع أن يرى أحدًا من أبنائه في ظل احتلالٍ لا يرحم، وهدفه الوحيد هو كسر إرادة ومعنويات الأسير الفلسطيني والتأثير على حالته النفسية"، مبينةً أن والديْ زوجها بسبب كبر سنّهما وحالتهما الصحية أيضًا لا يستطيعان زيارته ولا زيارة شقيقيْه الأسيريْن موسى وخليل، ما يزيد من صعوبة وضعه النفسي.
وللأسير إبراهيم شقيقان معتقلان هما: موسى المعتقل أيضًا منذ عام 2002م والمحكوم بالسجن المؤبد إضافة لعشرين عامًا، وخليل المحكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة.