"أوقات مليئة بالتوتر والاضطراب كاد فيها من حولي أن يسمع دقات قلبي المتسارعة"، بهذه الكلمات تصف أسيل البحطيطي الوقت الذي سبق إعلان نتائج الثانوية العامة، قبل أن تسود البيت أجواء احتفالية لم تعهدها الأسرة من قبل.
تقول أسيل الحاصلة على المرتبة الأولى على الوطن في الفرع الأدبي (99.6%): "لم أتوقع هذه النتيجة، توقعت معدلاً عالياً ولكن ليس بهذه النسبة والتتويج".
وتضيف: "وصلت رسالة بنتيجتي ومن حالة الاضطراب لم أعرف فتحها، فأعطيت هاتفي لابن خالتي ليقرأ النتيجة على الملأ، ومن الصدمة لم تصدقه فأعطاها الهاتف لترى بنفسها تفوقها".
وفور تأكدها من النتيجة تصاعدت أصوات الزغاريد والتكبير فرحا بما حققته أسيل، إذ ارتسمت البسمة على وجوه الجميع، "لأن إنجازًا عظيمًا تحقق ومجدًا تحصّل، هي أجواء الإنجاز الحقيقي".
وعن مسارها الدراسي، تخبر "أسيل" بأنها لم تضع الرهبة التي يفرضها المجتمع لتلك المرحلة في بالها، واعتبرتها كأي سنة دراسة، بذلت فيها الجهد ذاته ككل عام ولكن بتركيز أعلى.
اقرأ أيضًا: نتائج الثانوية العامة توجيهي 2023 في فلسطين
وتمضي بالقول: "مارست حياتي الطبيعية بشكلها الاعتيادي دون تضييق أو ضغط، فتخلل العام أيام من الراحة والتنزه والزيارات ومشاهدة التلفاز".
منهاج صعب وغزير
وبسؤالها عن تقييمها للمنهاج الفلسطيني وما تداوله الطلبة خلال أدائهم امتحان الثانوية العامة، تجيب: "المناهج الفلسطيني صعب ومليء بكميات كبيرة من المعلومات مقارنة بمناهج الدول العربية سواء للفرعين العلمي أو الأدبي أو غيرهما، ولكنه أيضًا متكامل وملم بكل الجوانب التعليمية والثقافية".
وتتابع: "أما نظام جدول الامتحانات فهو مناسب ويعطي متسعًا من الوقت للراحة والدراسة، وأسئلته وجدتها متنوعة ومناسبة لكل المستويات".
ولم تكن عائلة أسيل تجبرها على الحديث عن تفاصيل الامتحان وتقييمها لأدائها فيه، وتكتفي بالحمد والثناء على الله، "حتى لا يتسببوا لي بأي توتر".
وترى الطالبة المتفوقة أن أكبر خطأ يقع فيه بعض الطلبة، وخاصة المتفوقين، تضييع الوقت في حساب العلامات ما يزيد من توترهم بدلًا من التفرغ للامتحان القادم.
وعن أكثر التحديات التي واجهتها، تشير إلى الفتور والكسل وعدم الرغبة في الدراسة والمماطلة والتأجيل فتتراكم عليها الدروس.
تفوق مبكر
والدتها لبنى البحطيطي جهزت بيتها جيدًا لاستقبال فرحة تفوق "أسيل" من زينة وحلويات وتوزيعات خاصة، إذ كانت تتوقع تفوق ابنتها.
تقول: "لا أخفي عليكم أنه كان عامًا دراسيًا بالنسبة لأسيل ككل الأعوام السابقة، اعتمدت فيه على تنظيم وقتها، وبعدها عن الضغط الدراسي، فساعاتها الدراسية لم تكن تتجاوز 4 ساعات يوميًا، ولكني كنت بجوارها أدعمها وأتابع معها دراستها خطوة خطوة، أرافقها في السهر وأراجع لها دروسها وأحدد لها نقاط ضعفها في بعض الدروس وأصيغ أسئلة عليها، إلى جانب تشجيعها بشكل متواصل".
اقرأ أيضًا: نتائج الثانوية العامة.. نصر جديد في غزة
وقبل أربعة أشهر من موعد الامتحانات النهائية كانت قد علقت والدتها لافتة على باب بيتها تعتذر فيه عن استقبال الضيوف لتهيئة الأجواء لابنتها ولكي لا تضيع عليها فرصة التفوق الدراسي.
وتضيف: "أسيل هي البكر في أبنائي وكنت أرى في عينيها لمعة الذكاء والتفوق منذ أن كانت في رياض الأطفال، وأقول لها بس تصلي لمرحلة التوجيهي راح تكوني من الأوائل".
وكانت أسيل قد أخبرت والدتها قبل أيام من إعلان النتائج بأنها في حال لم تحصل على معدل 99% فلن تكون راضية عن نفسها.
وتشير الأم إلى أن مرحلة الثانوية العامة هذه الأعوام اختلفت كثيرًا عن الماضي فقد زاد العبء الدراسي والمناهج وباتت الأمور أكثر صعوبة وتعقيدًا.
في حين يعلق الأب على تفوق ابنته بالقول: "فرحة النجاح تدخل القلب دون استئذان، ولا تعادلها أي فرحة".