عانت حنين فريد المدهون ظروفًا معيشيةً صعبةً، لكنها استخدمتها حافزًا لتحقيق النجاح، واجتهدت بلا كلل لتكون عند حسن ظن أهلها، فحصدت المركز الأول على مستوى فلسطين في الفرع الأدبي بالثانوية العامة بمعدل 99.6 بالمئة.
تعيش حنين في بيت ضيق جدًا يقع في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة بمساحة حوالي 80 مترًا مربعًا ومسقوفًا بألواح الزينكو، ويضم بين جدران غرفتيه الوحيدتين ثمانية أفراد.
وبسبب ضيق مساحة المنزل اضطر أكثر من نصف المهنئين بحنين للجلوس في الزقاق الضيق الذي يقع أمام منزلها.
وفي زحمة المهنئين الذين حضروا لتهنئة حنين بنجاحها الباهر ذهبت مباشرةً إلى والدها الذي يعمل سائقًا على "التوك توك" وقبَّلت رأس والدها. بكل فخر رفعت صوتها لتقول للجميع: "هذا والدي، صاحب التفوق الأول، وله الفضل بعد الله في أن حققت المرتبة الأولى على مستوى فلسطين".
تتحدث بفخر عن نجاحها المميز وترى فيه بداية لتحسين الظروف المعيشية لعائلتها.
وتقول خلال مقابلة مع صحيفة "فلسطين": "أنتم تشاهدون منزل عائلتي، وهو يعكس الحياة التي أعيشها أنا وإخوتي ووالدي، ولكن لم أستسلم لهذا الواقع، وقهرت الظروف، بل وكانت الحالة الاقتصادية لعائلتي دافعًا لكي أحقق نجاحًا مميزًا، حتى أبدأ الطريق لنقل عائلتي من هذه الحياة".
وتضيف حنين والفرحة تملأ وجهها: "الحمد لله حققت حلم عائلتي وتفوقت في الثانوية العامة، وحصدت المركز الأولى على مستوى الوطن، وملأت منزل عائلتي المهترئ فرحًا".
وعن طبيعة العام الدراسي، وظفت حنين وقتها طيلة فترة النهار، وساعات طويلة من الليل للدراسة ومراجعة دروسها يوميا، وعدم ترك ظروف انقطاع الكهرباء تؤثر في دراستها.
وأظهرت حنين الامتنان والشكر للكادر التعليمي في مدرسة عكا الثانوية العامة غرب مدينة خان يونس، إذ تؤكد أن التفوق والنجاح لم يكن ممكنًا دون جهود المعلمات اللواتي حرصن "على إيصال المعلومات لنا مع نهاية كل درس، ولم يبخلوا على جميع الطلبة في تقديم المعلومة والتأكد من فهمنا قبل الانتقال إلى دروس جديدة".
إلى جانب حنين، يظهر والدها فريد المدهون وهو مفتخر بإنجازات ابنته. في هذه اللحظة المميزة، تحدث بفخر وسعادة لوسائل الإعلام الذين اكتظوا في منزلهم الضيق عن نجاح حنين والتفاني الذي أظهرته لتحقيق أهدافها المستقبلية.
ويقول في مقابلة مع صحيفة "فلسطين": "أنا سائق (توك توك)، وهو مصدر رزقي الأول، وأسكن في بيت لا يتعدى الـ80 مترًا، وكان سابقًا 50 مترًا، ولكن مع زيادة عدد أفراد العائلة اشتريت مساحة ضيقة من جيراني".
كان الوالد واعيًا للظروف الصعبة التي تحيط بعائلته، ومع ذلك، لم يتردد في تهيئة الأجواء المناسبة لابنته حنين لتحقيق النجاح في مرحلة الثانوية العامة، قدّم دعمًا كاملاً وتشجيعًا لها لتتمكن من مواجهة تحديات الدراسة والامتحانات بنجاح.
ويقول إنه كان يستيقظ في منتصف الليل ويجد حنين مُجتهدة في الدراسة ومُجهدة منها، وقد طالبها أكثر من مرة بأن تأخذ قسطًا من الراحة بين فترة وأخرى، إلا أنها كانت ترفض ذلك وتستمر في جهودها الدؤوبة.
ويؤكد دون تردد أنه سيعمل على تسجيلها في أي تخصص جامعي تختاره، وسيوفر كل ما تحتاج إليه لاستكمال مرحلة دراستها الجامعية من خلال عمله سائقًا على "التوك توك".