فلسطين أون لاين

يضم 100 غرفة وإيوان

تقرير قصر طوقان.. معلم ثقافي وتاريخي يشكو الإهمال وعدم الترميم

...
قصر طوقان.. معلم ثقافي وتاريخي يشكو الإهمال وعدم الترميم
نابلس- غزة/ هدى الدلو:

يعد قصر طوقان في مدينة نابلس معلمًا ثقافيًّا تحمل حجارته قيمة تاريخية، واستمد المبنى المشيد زمن الخلافة العثمانية اسمه من الأديبين الفلسطينيين: إبراهيم طوقان، وشقيقته فدوى. 

يقع القصر في حارة القريون التي تتوسط حارات نابلس القديمة مقابل مسجد البيك، ويحده من الغرب طريق يؤدي إلى شارع النصر، ومن الجنوب بيت النابلسي، ومن الشرق والشمال بيوت سكنية، وفق مدير حماية آثار نابلس إياد ذوقان.

معماريًّا يتكون القصر من مساحة ضخمة، وقسم جنوبي، وقسم شمالي، وطابقين من البناء، وقسم مخصص للسلملك (الرجال)، وقسم للحرملك (النساء).

نمط معماري سوري

ويقول ذوقان: "تتمثل جمالية المكان برونق البناء؛ ففي مدخل الحصن أو البيت ساحة سماوية، حولها غرف الخدم والدواب، ثم درج عريض يصل إلى ساحة سماوية واسعة فيها بركة كبيرة، وحولها غرف متقابلة ذات أواوين أو مصاطب حجرية وهي "السلاملك"، ثم مداخل الأجنحة فيها غرف مماثلة للحرملك".

وحال قصر طوقان كحال الكثير من الآثار التاريخية، فلم يسلم من استهداف واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي؛ وتعرض للتدمير والتفجير خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وخلال الاجتياح الإسرائيلي الذي تعرضت له البلدة القديمة.

ويوضح ذوقان أن الموقع يصنف كأحد أهم القصور التاريخية التي تحتضنها نابلس، وهي قصور أقامتها أبرز عائلات حظيت بمكانة سياسية واقتصادية خاصة خلال الفترة العثمانية، وأهم هذه العائلات بالإضافة إلى عائلة طوقان، عائلة عبد الهادي، وعائلة النمر.

ويشير إلى أن النمط التخطيطي والمعماري المحلي الذي أفرز مدرسة المعمارية السورية، هو ما يميز هذه القصور.

ويضيف ذوقان: "قصر طوقان يتميز بنمط معماري سوري حلبي، ما يعكس أصول العائلة وروابطها التاريخية في سوريا، وخلال بنائه اهتمت بأدق التفاصيل، ليكون القصر بمثابة تعبير صامت عن مكانة العائلة، وقد عكس قدراتها المالية الكبيرة، واهتمامها بالأسلحة والخيول".

مكونات القصر

ويفيد بأن تاريخ بناء القصر يعود إلى العقد الثالث من القرن الثامن عشر الميلادي، من قبل رئيس علماء نابلس إبراهيم بيك بن صالح باشا طوقان، معتمدًا على تمويل سخي من والده، ويصل عدد غرف وأواين القصر إلى نحو 100غرفة، وألحق به ساحات وبساتين تصل مساحتها إلى حوالي ثلاثة دونمات.

ويبين ذوقان أن القصر يتألف من عدة أقسام موزعة على عدة طوابق، يضم المستوى الأول إسطبلًا للخيول، وبوابة مركزية، وأخرى ثانوية، إضافة إلى ساحة مركزية مكشوفة ملحق بها ديوان واسع، وعدد من الغرف والأواوين التي كانت مخصصة للحراس والقائمين على إدارة أعمال العائلة.

وألحق بالواجهة الشرقية للساحة درج حجري يصعد إلى جناحي السكن الشمالي والجنوبي، ولا تزال الساحة المكشوفة تحتفظ ببلاطها الحجري السلطاني.

وتطل بوابة القصر الرئيسة على الطريق الغربي، الذي يتصل بشارع النصر، وهي بوابة مرتفعة وواسعة، على يمينها ويسارها مكسلتان حجريتان مخصصتان للحراس، ويعلو البوابة قوسان حجريان متداخلان وزخارف هندسية ونباتية جميلة.

أما الطابق الثاني فيتألف من جناحين مفصولين شمالي وجنوبي، يضم كل جناح عددًا كبيرًا من الغرف، وساحات مكشوفة، وبرك ونوافير مياه، وحدائق وبساتين كانت تزرع فيها أصناف متعددة من الأشجار والخضراوات، وتم تخطيط الجناحين الشمالي والجنوبي بنظام يفصل النساء عن الرجال الغرباء، ما يُعرف بنظام السلملك والحرملك.

أضرار لحقت بالقصر

ويبين ذوقان أن القصر تعرض للكثير من التدمير طالت أجزاء كثيرة من أجنحة السكن، وذلك بسبب الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1927، ثم الأضرار التي تسبب بها جيش الاحتلال خلال اجتياحه للمدينة عام 2002، بتعرضه لاعتداءات جزئية تمثلت بتفجير بعض مداخله في أثناء الاجتياح الإسرائيلي.

وإلى جانب ذلك تعرض القصر للإهمال وعدم الترميم بفعل النبش في بعض الأصول المعمارية والتراثية وسرقتها كالبلاط السلطاني وبعض الأبواب والنوافذ.

من أجل حماية وصيانة قصر طوقان، تعمل الجهات المختصة على إجراء أعمال ترميم وتأهيل للحفاظ على البنية التاريخية وإعادة إحياء جماله الأصلي، بهدف الحفاظ على التراث الثقافي، وتمكين الزوار من استكشاف القصر، واكتشاف تفاصيله الفنية والتاريخية.

ويشدد ذوقان على أن الاهتمام بالقصر كموقع تراثي ثقافي مادي محمي بموجب أحكام قرار بقانون التراث الثقافي المادي رقم 11 لسنة 2018، بالإضافة إلى أعمال الترميم والصيانة التي تجريها سواء وزارة السياحة أو بلدية نابلس أو المؤسسات الأهلية. 

ويقول: "على الرغم من التحديات التي يواجهها القصر، هناك جهود جادة تبذل للمحافظة عليه وإعادة تأهيله، وجهود أخرى لتعزيز الوعي بأهميته كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي لنابلس وفلسطين".

ويشير ذوقان إلى أن البلدة القديمة ومحيطها أدرجت من وزارة السياحة على اللائحة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، نظرًا للمكانة التي تتمتع بها البلدة القديمة، سواء من الناحية التاريخية أو الجمالية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.

ويقول: "يمكن استغلال المبنى كمنشأة سياحية ثقافية، وتحويله إلى متحف أو مركز ثقافي، ولكن بسبب الجزء الثالث المهجور منه، والذي يعد أكبر من القسمين الآخرين، وعدم تمكنهم من الترميم لارتفاع التكلفة، تقتصر الجهات المعنية على إجراء أعمال صيانة وترميمات سطحية تهدف لمنع حدوث انهيارات".