فلسطين أون لاين

تشريع البؤر الاستيطانية ودلالاته


لقد فشلت المفاوضات الفلسطينية على مدى عشرين عاما من وقف أو تجميد الاستيطان في القدس والضفة الغربية، كما فشلت في الحصول على معرفة بحدود دولة العدو، ومن ثم الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧م، واتخذت أميركا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧م، مع أن الإدارات الأميركية لا تعترف بالاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية.

في فترة سابقة رفض نتنياهو طلب أوباما تجميد الاستيطان لفترة محدودة، واليوم يطلب نتنياهو من محكمة العدل العليا تأجيل قرار إخلال البؤرة الاستيطانية الجديدة المسماة (عمونا). وفي الوقت نفسه أقرّ الكنيست بالقراءة التمهيدية ما يسمى قانون تشريع البؤر الاستيطانية المقامة على الأراضي الفلسطينية الخاصة، أعني التي يمتلكها سكان فلسطينيون.

البؤر الاستيطانية لا تزيد على مجموعة محدودة من الكرفانات التي يقيمها المستوطنون على قمم جبال الضفة في مواقع استراتيجية منتقاة، لتكبر لاحقا وتشكل مستوطنة كبيرة، بغرض منع قيام الدولة الفلسطينية، وتعزيز التواجد اليهودي في الضفة الغربية. وأمام الانتقادات المتعددة لحكومة نتنياهو يحاول الأخير إقناع المستوطنين بنقل كرفاناتهم إلى أراضٍ مجاورة، هي من أملاك الفلسطينيين الغائبين، وهي أملاك خاصة، وليست أملاك دولة.

لقد تعرض قانون تشريع البؤر الاستيطانية إلى انتقادات محلية كثيرة، وإلى انتقادات جمعيات مدنية خارجية، ومؤسسات الأمم المتحدة، ومع ذلك لا يبالي المستوطنون بأي من هذه الانتقادات، ويعدون أنفسهم أنهم يمارسون حقهم في الاستيطان في أرض إسرائيل كما تحددها التوراة.

التشريع القانوني الذي يجري في الكنيست، ربما ينتهي إلى الإقرار بالقراءة الأخيرة ، رغم الانتقادات العربية وغير العربية، وهذا في التحليل الديموغرافي يعني القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية نهائيا، حتى ولو كانت في الضفة الغربية فقط. التشريع خطير وخطير جدا، لأنه يشرع لمصادرة الأراضي الخاصة التي هي ملك للسكان، والتي منها يسترزقون.

إن كارثة أوسلو والمفاوضات العبثية، أتاحت فرصا جيدة أمام توسع الاستيطان، وتزايد أعداد المستوطنين في الضفة الذي وصل إلى (٦٠٠) ألف مستوطن، وما زالت الأعداد في تزايد، بينما كانت المقاومة الفلسطينية عقبة رئيسة أمام توسع الاستيطان، وأمام نشر البؤر الاستيطانية على رؤوس الجبال الاستراتيجية، لذا يجدر بالسلطة وفتح التي أنهت مؤتمرها السابع أن تبحث عن حلول مجدية للاستيطان، وهذا لا يكون إلا من خلال إطلاق يد المقاومة في الضفة والقدس، وعندها لن تكون هناك بؤر استيطانية منعزلة خشية أن تكون هدفا للمقاتلين الفلسطينيين. هذا هو الطريق الصحيح، ولكن السلطة تسير في الطريق الخطأ، وتشكو إلى العالم الذي لا يحسن سماع الضعفاء أبدا. لا بد من شيء من القوة في مواجهة ما يسمى تشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية قبل فوات الأوان.