فلسطين أون لاين

تقرير الشهيد "أبو الوفا".. مقاتل يافع واجه جيشًا

...
صورة للشهيد سميح أبو الوفاء يمتشق سلاحه ويطلق النار تجاه قوات الاحتلال
جنين-غزة/ أدهم الشريف:

يوصف أنه يملك قلبًا جريئًا، لا يهاب الموت، ولم يترك عملًا مقاومًا إلا وكان حاضرًا فيه، حتى صار صاحب لقب "الملثم المشتبك".

سميح أبو الوفا (20 عامًا) تعرفه مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة عن بكرة أبيها، إزاء ظهور جرأته المعهودة في اشتباك مباشر خاضه في وقت سابق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالسلاح، قبل أن يرتقي خلال مشاركته في التصدي للعدوان الأخير على جنين.

وكان جيش الاحتلال قد شنّ عدوانًا عسكريًّا على جنين منذ فجر الاثنين حتى مساء الثلاثاء. ومنذ إعلان استشهاد "أبو الوفا" انتشرت صوره وهو يخوض اشتباكًا مسلحًا في وقت سابق مع جنود الاحتلال.

ويظهر أبو الوفا في المشهد وقد أخرج نصف جسده من نافذة أحد المنازل التي تحصن فيها مقاومون، ويمسك ببندقية رشاشة ويطلق رصاصاته صوب جنود الاحتلال القريبين منهم، قبل أن يسحبه أحد زملائه إلى داخل المنزل.

لم يكن يعرف أحد من هو صاحب تلك الصورة التي لن يمحوها مرور الزمن رسومها من الذاكرة، إلا بعد إعلان استشهاده في الساعات الأولى للعدوان على جنين، والذي بدأه جيش الاحتلال بعشرات الغارات على مناطق متفرقة من المدينة التي تؤوي عددًا من المقاومين، وتحفل بتاريخ مقاوم عريق.

اقرأ أيضاً: تحليل: تغيير جوهري على توجُّهات الاحتلال للتعامل مع المقاومة في الضفة

إحدى الغارات التي نفذها جيش الاحتلال واستخدم فيها طائرة انتحارية مسيرة عن بعد، أصابت غرفة العمليات التي كان أبو الوفا يتواجد فيها، ويشارك من خلالها في إدارة المعركة، كما يقول والده فراس أبو الوفا (51 عامًا) لصحيفة "فلسطين".

وقبل استهداف غرفة العمليات بوقت قصير، بحسب والد الشهيد، كان أبو الوفا على اتصال مع والدته إيمان أبو الوفا (50 عامًا)، وقد أرادت الاطمئنان عليه تزامنًا مع تصاعد العدوان واستهداف المنشآت بالغارات الجوية وتقدم جيش الاحتلال برًا واشتداد الاشتباكات.

وفي الحقيقة لم يكن والده يعرف إن كانت صورة الملثم لابنه أم لا، وعندما كان يسأله يرد عليه: إنه سيخبره لاحقًا. وكان قد أوصى رفاق دربه ألا يخبروا أحدا بأنه صاحب تلك الصورة إلا بعد استشهاده.

ما إن عرف والده أن نجله صاحب هذه الصورة، بدا فخورًا به إلى أبعد الحدود، ووصفه بـ"المقاوم العنيد، وجندي المعارك".

وتابع والد الشهيد أن محاولاته للحيلولة دون مشاركة نجله في أعمال المقاومة لم تفلح على الإطلاق في إقناعه، وقد أصر على مواجهة الاحتلال متمنيًا الشهادة، وطلب من والديه أن يرضيا عنه.

وأكمل أن نجله كان محبوبًا بين أفراد عائلته وأصدقائه وجيرانه، وكان دائم الحديث عن الشهادة، مردفا: لقد شارك في سلسلة معارك ضد جنود الاحتلال إلى جانب عناصر المقاومة من مختلف الفصائل.

وذرفت عائلة الشهيد أبو الوفا دموعًا حارة فوق جثمانه المسجى في ثلاجات الموتى بإحدى مستشفيات جنين قبل تشييعه وعددا آخر من الشهداء إلى مثواهم الأخير في مقبرة شهداء مخيم جنين.

وتداول أقرباء الشهيد أبو الوفا ونشطاء صورة مشاركته في الاشتباك ضد جنود الاحتلال على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد عدَّ هؤلاء تلك الصورة أيقونة المقاومة في جنين.

اقرأ أيضاً: 12 شهيدًا و117مصابًا ودمار واسع جرّاء العدوان على جنين

وكتب رامي جلبوت على حسابه في "فيس بوك": "كان الشهيد سميح أبو الوفا قد أوصى رفاق السلاح بعدم الكشف عن هويته بعد انتشار صورته وهو ملثم خلال التصدي لإحدى اقتحامات مخيم جنين إلا بعد استشهاده".

وأضاف: "اليوم استشهد سميح على أرض المخيم أثناء التصدي للاجتياح البربري.. تذكروا اسمه جيدًا، سميح أبو الوفا، وعد فصدق".

ونشر محيي عودة صور الشهيد أبو الوفا، وعلَّق عليها على حسابه في "فيس بوك": "ليس هناك أطهر وأعظم من تقديم الروح في سبيل الله تعالى، وليس هناك أي قيمة تعادل قيمة الشهادة في سبيل الله، رحمك الله أيها الشهيد الغالي ودُمت مصدر عزٍ واعتزازٍ لنا مدى الحياة".

أما آدم أبو زين كتب على حسابه في "فيس بوك": "هذا الشاب (صاحب صورة الملثم المشتبك) كان محط أنظار الجميع بقدرته الجبارة على أن يمسك سلاحه بشماله ويطلق النيران على قوات الاحتلال، هذه الصورة تعطيك تصورًا عن مدى أسطورية الشباب المقاوم في جنين".

وأضاف: "صاحب الصورة تخلد في التاريخ حتى قبل أن يُعرف اسمه، ولكن وبكل فخر واعتزاز أهل صاحب الصورة أعلنوا عن اسمه اللي كان مانع حد يعرفه إلا بعد استشهاده".

وأشار نشطاء إلى أن صورة المثلم المشتبك أبو الوفا مع جنود الاحتلال تعود إلى مارس/ آذار المنصرم.