فلسطين أون لاين

تحليل: تغيير جوهري على توجُّهات الاحتلال للتعامل مع المقاومة في الضفة

...
مقاومو جنين خلال العدوان الأخير
رام الله-غزة/ جمال غيث:

يرى مراقبون أنّ الاحتلال الإسرائيلي قد يُغيّر من تكتيكاته وسياساته في المرحلة المقبلة ضد المقاومة في الضفة الغربية بعد فشل عدوانه الواسع على مدينة جنين الذي استمر ليومين وأسفر عن استشهاد 12 مواطنًا ومقتل جندي إسرائيلي. 

وتوقع هؤلاء في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" أن يلجأ الاحتلال إلى تنفيذ جرائم اغتيال بتكتيكات جديدة، بهدف استعادة ما تُسمّى "هيبة جيشه وترميم صورة الردع" التي تآكلت أمام الصمود البارز لمجموعات المقاومة في جنين.

وكان جيش الاحتلال، اندحر فجر أمس، من مدينة جنين ومخيمها في شمال الضفة، بعد 48 ساعة من الاشتباكات العنيفة في المخيم الذي يقطنه 14 ألف نسمة ولا تتجاوز مساحته 450 دونمًا. (الدونم يعادل 1000 متر).

وأقرّ الناطق بلسان جيش الاحتلال غيل هغري أنّ العدوان العسكري على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية المحتلة لم يحقق الأهداف المرجوة، مشيرًا إلى أنه لا توجد حلول سحرية لمواجهة المقاومة، و"أنّ الجيش سيعود إلى جنين حال توفُّر معلومات استخباراتية".

وقال الناطق في حديث إذاعي أمس: إنّ "المعلومات الاستخباراتية لم تكن كافية للوصول إلى جميع الأهداف في مخيم جنين، وأنّ الكثير من الخلايا المسلحة انسحبت خارج المخيم وبضمنها الخلية التي قتلت أحد المستوطنين قبل أسابيع جنوبي غرب جنين".

وقال الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحمن ملالحة: "إنّ فشل جيش الاحتلال في مواجهة المقاومين على أرض الميدان دفعه للانسحاب بسرعة لعدم تعريض جنوده إلى الخطر بعد الكمائن الكبيرة التي وقعوا بها".

وتوقّع ملالحة، أن يشنَّ جيش الاحتلال عدوانًا جديدًا على جنين، أو مدن أخرى، عبر طائراته ليتجنب التوغل البري من أجل حماية جنوده واستعادة ما تسمى "هيبته وترميم صورة الردع" التي تآكلت أمام ضربات المقاومة في جنين.

وأضاف أنّ "مئات جرائم الاغتيال التي نفّذتها سلطات الاحتلال بحقّ قادة ورموز المقاومة كان الهدف منها القضاء عليها، لكن سرعان ما اكتشف أنها عادت أقوى من ذي قبل".

اقرأ أيضًا: الناشطة حمد: الاندحار المُهين للاحتلال في جنين يُقوّي شوكة المقاومة بالضفة

وأظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي تدميرًا كاملًا للمنازل والمحال التجارية والمركبات والطرق وشبكات المياه والكهرباء في جنين، ما تسبب في انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي. 

ووِفق ملالحة سيُفكّر رئيس حكومة المستوطنين بنيامين نتنياهو، ألف مرة في حال أقدم على شنّ عدوان جديد على الضفة الغربية لخشيته من الانكسار مجددًا أمام المقاومة، لافتًا إلى أنّ إقدام جيش الاحتلال على شنّ عدوان عسكري جديد، سيُقابَل بردٍّ فلسطيني قوي وفي قلب دولة الاحتلال وسيُسبّب له حالة من الحرج على صعيده الداخلي والخارجي. 

وعدّت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنّ "الاحتلال الإسرائيلي فشل في تحقيق أهدافه من العدوان على مخيم جنين وخرج بدون أيّ إنجاز بالرغم من وحشيته".

من جانبه، توقّع المختص بالشأن الإسرائيلي علي الأعور، أن يشنَّ جيش الاحتلال عدوانًا جديدًا على شمال الضفة الغربية والاستفراد بمدينة دون أخرى.

وقال الأعور: إنّ "جيش الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه بالقضاء على المقاومة نظرًا لوعيها واستعدادها للقتال وتنفيذ كمائن مُحكمة فاجأت الجيش بها وأدّت لحسم المعركة".

وأضاف: أنّ جيش الاحتلال لم يكن يتوقع أن تكون المقاومة في جنين، مستعدة للقتال، فقدّمت صورة رائعة في النضال والمواجهة ما أفشل خطة نتنياهو، وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" ودفعته إلى الاندحار خشية من تعرُّضه لخسائر.

ورأى أنّ إقدام رئيس السلطة محمود عباس، على تشكيل حكومة فلسطينية جديدة يُشارك بها الكلّ الفلسطيني هي "الحل الوحيد" لوضع حدٍّ لاعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين ومنع الاستفراد بشعبنا.

من ناحيته، توقَّع المختص في الشأن العسكري يوسف الشرقاوي، أن يُكثّف جيش الاحتلال جرائم القصف والاغتيالات من الجو في شمال الضفة.

اقرأ أيضًا: بالفيديو قيادي بالقسام: المقاومة تزداد خبرة وأفشلنا خطط الاحتلال في جنين

ووِفق الشرقاوي فإنّ جيش الاحتلال تعرّض لخسائر فادحة في أثناء اقتحامه مخيم جنين، وعمل على إخفائها بهدف رفع الروح المعنوية لجنوده.

وذكر أنّ جيش الاحتلال اصطدم بمقاومة عنيفة أفشلت مهمة قوات النخبة الإسرائيلية باجتثاثها، واتبعت المقاومة أسلوبًا جديدًا في القتال عبر الصمت وإيقاع الجيش بكمائن محكمة أسفرت عن حسم المعركة.

وجنين تقع في شمال الضفة الغربية وتبعد عن القدس مساحة 75 كم إلى الشمال، في حين تأسس مخيمها العام 1953 على الطرف الغربي الجنوبي للمدينة ويبلغ عدد سكانه قرابة 14 ألف لاجئ يقطنون على مساحة 450 دونمًا (الدونم يعادل 1000 متر).

وشهدت المدينة والمخيم العديد من الأحداث في الانتفاضتين الأولى العام 1987 والثانية العام 2000، وعادا مرة أخرى إلى الواجهة بداية العام الماضي مع تكثيف مجموعات المقاومة تنفيذ عشرات العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه.