بالرغم من صعوبة الحصول عليه، إلا أنّ عسل النحل الجبلي يُعدُّ من المنتجات الطبيعية المفضلة للفلسطينيين، ومصدر رزق للمزارعين الذين يضطرون إلى قطع مسافات طويلة والصعود إلى أماكن مرتفعة بحثًا عنه.
فمع زقزقة عصافير الصباح، يتابع المواطن سليم اليونس من بلدية الزاوية غرب سلفيت خطواته بثقة، متجهًا نحو خلية نحل في جوف إحدى أشجار الزيتون في حقل قريب من الجدار العنصري، الذي يبيع الكيلو غرام الواحد، بأكثر من ١٥٠ شيقلًا.
ويُبيّن اليونس لصحيفة "فلسطين" أنّ العسل مصدر تكسُّب لأسرته، لكنه يواجه مشكلة في ملاحقة المستوطنين له عند دخوله إلى أماكن الخلايا ويقول: "الخطر ليس بلسعات النحل بل من هجمات المستوطنين، الذين يطردوننا أو يضربوننا أحيانًا بحجة أنها أراضي "ج"، أو أراضٍ قرب المستوطنات، أو حسب أمزجتهم".
بدوره يقول المزارع يوسف رزق الله من قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس: نجمع العسل من الجبال والوديان، من بين الأشجار أو الصخور أو جذوع الشجر، ونعثر عليه صدفة، في أثناء رعي الماشية، لكنّ المساحات تتقلّص مع الزمن بسبب توسُّع الاستيطان.
اقرأ أيضًا: تقرير مهندسات زراعيات يشققن طريقهنّ بين لسعات "العسل الكرمي"
ويضيف: "ما قبل الجدار والاستيطان، كنا نتجول بحرية، دون مخاطر الاعتقال أو الطرد والتهديد وكانت المساحات واسعة جدًا، وخلايا النحل تنتشر بين الجبال، بأكثر مما هو موجود الآن، فالتجريف الاستيطاني استهدف مساحات واسعة جدًّا، عدا عن المنع بدخول أراضٍ خلف الجدار".
من ناحيته يقول مربي النحل حسن رزق الله من بلدة مزارع النوباني شمال رام الله: "من يعثر على خلية نحل، لا يمكن له الاستفادة منها ما لم يكن لديه عدة النحل من ألبسة وأدوات مناسبة".
وعن نوعية العسل يقول ماجد الحلبي من بلدة بيت ريما شمال رام الله: "معلوم أنّ عسل النحل الجبلي أطيَب بكثير من عسل مربّي النحل الذي يُطعّم بالسكر خاصة في الشتاء، وعليه طلب كبير جدًّا، ويصل سعر الكيلو غرام الواحد حتى 200 شيقل، في حين كان العسل من مربّي النحل يصل من 50 وحتى 100 شيقل، وهناك فرق في الطعم واللون".
ويشكو الحلبي من "الممارسات الخاطئة" من المزارعين مثل رشّ الأعشاب الذي يقتل النحل، "فالنحل حساس جدًّا، ولأصحاب الأراضي الأصل الحراثة لقتل الأعشاب بدل رشّها".
ومع حلول فصل الصيف يتجول ماجد عقل في واد قانا غرب دير استيا، ويبحث عن العسل الجبلي بين صخور وادي قانا، وبين الأحراش والأشجار الكثيفة.
اقرأ أيضًا: نحل الشجر والجبال.. وشهدٌ فيه شفاء للناس
وعن الإقبال على العسل الجبلي يقول: كون جودته عالية جدًّا، ومذكور بالقرآن الكريم كشفاء، جعل مرضى كُثرًا يوصون على العسل الجبلي مهما كان سعره، لكنّ الكميات محدودة دومًا، والمستوطنون أيضًا يتجوّلون بوادي قانا، يُشكّلون خطرًا على الفلسطينيين، سواء كانوا مُتنزّهين أم يبحثون عن العسل مثلي، وأحيانًا يسرق المستوطنون العسل الجبلي، فهم باتوا يزاحموننا بكلّ شيء ويسرقون الأرض، جهارًا نهارًا.
وبحسب المهندس الزراعي إبراهيم بني نمرة فإنّ العسل الجبلي لا تراقبه وزارة الزراعة الفلسطينية، فالعسل الجبلي لا يخضع للبيع في السوق لكونه يُباع فور العثور عليه.
وبحسب وزارة الزراعة فإنّ جودة العسل المُنتج في الضفة الغربية من مربّي النحل، حصل في إحدى الأعوام على المرتبة الأولى في مؤتمر عُقد في إيطاليا لدول حوض البحر الأبيض المتوسط المنتجة للعسل.