فلسطين أون لاين

هُزم العدو الإسرائيلي في حارة الدَمَج

حارة الدَمَج بعضٌ من مخيم جنين، ومخيم جنين الذي ذاع اسمه في الآفاق، وأفسد المخططات الصهيونية، لا تتجاوز مساحته 473 دونمًا، أي أن مساحة المخيم أقل من نصف كيلو متر مربع، يقع غرب مدينة جنين، حيث تشكل محافظة جنين كلها نسبة 9.7% من مساحة الضفة الغربية.

فإذا كانت مساحة الضفة الغربية كلها لا تتجاوز نسبة 21.6% من مساحة فلسطين، فذلك يعني أن حارة الدَمَج، والتي تشكل جزءًا من مخيم جنين، بلا وزن جغرافي يذكر، قياسًا لمساحة الضفة الغربية، ولمساحة فلسطين كلها، وللمساحة الهائلة للبلاد العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج.

حارة الدَمَج هذه شكّلت عنوانًا للنشرات الإخبارية، وظلت تتربع على صدر وسائل الإعلام على مدار 48 ساعة، وشكلت نقطة انطلاق المقاومة والدفاع عن الأرض الفلسطينية كلها، وقد وقفت الحارة صامدة وشامخة في وجه أكبر جيوش الشرق الأوسط، واستطاعت الحارة برجالها وشبابها ومقاوميها وبسلاحها البدائي، استطاعت أن تواجه الطائرات والمسيرات والدبابات والمجنزرات، وأكثر من ألف جندي إسرائيلي مزودون بأحدث أنواع الأسلحة، وأكثر وسائل القاتل فتكًا على وجه الأرض.

حارت الدَمَج التي أعجزت الجيش الإسرائيلي عن احتلالها سنة 2023، وبعد يومين من القصف والنسف والتجريف، هذا الحارة ترسل برسائلها إلى الجماهير الفلسطينية، وإلى جماهير الأمة العربية، فالذي يرفض الهزيمة لا ينكسر، والذي يعشق المقاومة لا يهزم، والذي يتحدى عدوه لا يخون العهد، والمقاومة ليس قدرات وإمكانيات فقط، المقاومة إرادة قتال، والمقاومة ليست معدات وتجهيزات فقط، المقاومة عزيمة تعبئ قلوب الرجال.

اقرأ أيضًا: الاندحار الإسرائيلي عن جنين كان متوقعًا

اقرأ أيضًا: ثمة إجماع إعلامي عبري على فشل العدوان

حارة الدَمَج الصغيرة في مساحتها، أضحت في شهر تموز/ 2023، عنوانًا للكرامة الفلسطينية، وعملاقة في مقاومتها، وقد تجاوزت الحارة بفعلها مساحتها الحقيقية، وللتأكيد على عمق المساحة الروحية والمعنوية التي حازت عليها حارة الدمج ومخيم جنين في قلوب وعقول الشعوب العربية، سأستشهد بهزيمة 1967، حين احتل الجيش الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية، وهضبة الجولان، وقطاع غزة في 6 أيام، ذلك الجيش الذي كان لا يقهر، وكان قادراً سنة 1967 على هزيمة جيوش، واحتلال بلاد عربية بمساحة فلسطين عدة مرات، هذا الجيش قُهر، وهُزم في تموز/ 2923 على أبواب حارة الدَمَج، وهذه شهادة ميدانية تؤكد عمق المتغيرات الإستراتيجية التي أحدثتها المقاومة الفلسطينية على مسار القضية الفلسطينية كلها.

فالقضية الفلسطينية بعد انتصار حارة الدَمَج ليست كما قبلها، والشعب الفلسطيني بعطائه وانتمائه بعد معركة مخيم جنين ليست كما قبل، وتطلعات الشباب الفلسطيني بعد انتصار جنين ليس كما قبل، وهذه حقائق تفرض نفسها ميدانيًّا، وتنظيميًّا، وسياسيًّا، بعد أن شكّل انتصار حارة الدَمَج إلهامًا للمقاومين الفلسطينيين، وشكّل في الوقت نفسه رعبًا للأعداء الإسرائيليين، الذين حشدوا للحرب، واستعدوا لها، وخرجوا منها مهزومين مدحورين.