منذ اعتماد 26 سبتمبر/ أيلول من كل عام يوما عالميا للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، ظلت الأسئلة مطروحة عن الأشكال التي يمكن أن يتخذها هذا التضامن، وما إذا كان ارتقى فعلا للحد الذي يفي بالغرض من إعلانه.
ويعتقد أستاذ الإعلام في جامعة النجاح بنابلس د. فريد أبو ضهير، في رده على سؤال بهذا الشأن، أن القضية الفلسطينية على المستوى الإعلامي واضحة، مستدلا على ذلك بملاحظته خلال مشاركته بمؤتمرات حول العالم، بأن هناك تعاطفا وإدراكا لواقع الصحفي الفلسطيني.
لكن أبو ضهير، يشير في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، إلى انشغال العالم بقضايا أخرى غير القضية الفلسطينية، كحقوق الصحفيين في مناطق مثل أذربيجان وفي أفريقيا وأمريكا الجنوبية وغيرها، "وهذا يعني أننا لا نزال بحاجة إلى مزيد من الجهد والعمل على إبراز معاناة الصحفيين الفلسطينيين والتحديات التي تواجههم".
ويرى أن دورا مهما يقع على عاتق الصحفيين الفلسطينيين للفت أنظار العالم إليهم، موضحا أنه جرى العام الماضي عقد مؤتمر دولي لليونسكو في فنلندا وكان هناك تكريم لصحفيين خاضوا تجارب اعتقال ومعاناة في سجون دولهم، لكن معاناة الصحفيين الفلسطينيين في ظل الاحتلال قد تكون أكثر بكثير ممن تم تكريمهم.
ويضيف: "لو تم توثيق بعض الأمور بتفاصيلها بالصور والتقارير باللغات المختلفة وليس فقط اللغة العربية، فكلنا نقرأ اللغة العربية لكن المجتمع الدولي بعيد عنها بالتالي يريد أن تصله الرسالة بلغته، واضح أن هناك تقصيرا من الجهة الفلسطينية في إيصال صوتها".
ما المطلوب من العالم كي يكون هناك نوع أكبر من التضامن؟ يجيب: "أول نوع من التضامن هو الوجداني والتعاطف، وهذا لمسته في أكثر من دولة.. لكن التضامن مطلوب أن يصل إلى المستوى القانوني، وفيما يتعلق بفتح آفاق للصحفي الفلسطيني أن يدخل إلى المحافل الدولية ويوصل صوته كصحفي وصوت القضية التي يحملها".
ويتابع بأن الجانب المادي أيضًا مطلوب ومهم لكن على الأقل ينبغي أن يكون التضامن على المستوى القانوني وضمان مشاركة الصحفيين الفلسطينيين في المحافل الدولية.
ويفسر بأن المطلوب على المستوى القانوني أن يتوفر جهد عالمي لملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية وحماية الصحفيين الفلسطينيين من أي قيود أو عراقيل.
ويؤكد أبو ضهير أهمية تخصيص يوم عالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، مبينا أن الأخير هو حجر الزاوية ومفصل مهم من مفاصل المجتمع يقف بين قضاياه وبين الرأي العام الفلسطيني والعالمي وينقل الصورة والأحداث بصوره وإمكاناته ورسائله.
لكن الصحفية فيحاء شلش، تعتقد أن التضامن الدولي مع الصحفي الفلسطيني "لا يرقى إلى الحد المطلوب"، مبينة أن معنى كلمة تضامن على الأقل عقد ندوات في هيئات عالمية وأممية من أجل تناول حقوق الصحافة الفلسطينية.
وتقول شلش، لصحيفة "فلسطين": "لا نجد هذه الأمور إلا عبر صحفيين فلسطينيين انتقلوا للعيش في الخارج أو نقلوا تجاربهم إلى هناك".
وتعتبر أن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته في القدس المحتلة وتركيبه بوابات إلكترونية –أزالها لاحقا- في يوليو/تموز الماضي، لم يرافقه "أي تضامن"، رغم أن الصحفيين تعرضوا خلال ذلك لاعتداءات سافرة كالضرب والملاحقة والاستدعاءات.
وتلفت إلى أن الصحفي الفلسطيني عانى الكثير منذ احتلال فلسطين، ولاسيما خلال السنوات الأخيرة، موضحة أن هذا الصحفي "بات الهدف الرئيس للاحتلال ولمن لا يرغب بنقل الصورة الحقيقية".
وتتحدث شلش عن "كم هائل من الاعتداءات على الصحفيين الفلسطينيين يكاد لا يمكن إحصاؤه"، قائلة: "أنا شخصيا تعرضت للاستدعاء والتحقيق معي فقط لكوني صحفية".
وفي الوقت نفسه، تؤكد شلش أهمية اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني لتخفيف الثقل الواقع عليه، وتسليط الضوء على معاناته، لكنها تشير إلى ضرورة "أن نستثمر هذا اليوم وإبراز ما يتعرض له الصحفيون من اعتداءات سواء فعلية أو تهديدية".
وترى أن هناك ضرورة لبذل المزيد من الجهود للارتقاء بالعمل الصحفي وعدم التأثر بالاعتداءات التي تستهدف الصحفيين "فالصحافة ليست جريمة"؛ كما تؤكد شلش.
وتتفق شلش مع القول بضرورة تواصل الصحفيين الفلسطينيين مع المؤسسات الحقوقية والدولية لتعريفها بمعاناتهم.
وبحسب تقرير صادر عن المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى"، ارتكب جيش الاحتلال وسلطاته خلال الشهر الماضي 11 اعتداء يندرج معظمها ضمن الاعتداءات الخطيرة على المؤسسات الإعلامية والصحافيين وقدرتهم على القيام بعملهم.
تسليط الضوء
"أعتقد أن من المهم وجود يوم عالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني خاصة أنه يعيش حالة استثنائية في ظل احتلال قائم منذ أكثر من 60 سنة"؛ بهذا يبدأ المحاضر بكلية الإعلام في جامعة الأقصى حازم أبو حميد، حديثه لصحيفة "فلسطين"، مضيفا أن الصحفي الفلسطيني يعاني من اعتداءات إسرائيلية مستمرة.
ويلفت أبو حميد، إلى أهمية أن يكون العالم مطلعا على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الصحفي الفلسطيني من خلال يوم عالمي تسلط فيه وسائل الإعلام والنقابات الدولية الضوء على هذه القضية، منوها إلى أن هذا الصحفي يعمل على نقل صورة الأحداث و"عملية الاضطهاد" التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني ومحاولات تهجيره.
ويُذكر بأن الصحافة تمثل السلطة الرابعة، وهذا يؤكد أهمية تخصيص يوم عالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني الذي عانى من شتى أشكال العنف التي تمارسها قوات الاحتلال عبر مصادرة كاميرات الصحفيين وإيقاع إصابات في صفوفهم وتعمد تغييب صورة الحقيقة.
كما تكمن أهمية تخصيص هذا اليوم العالمي، بحسب أبو حميد، في "أن يشعر الصحفي الفلسطيني بأن له امتدادا عالميا".
وعما إذا كان التضامن الدولي تتم ترجمته إلى خطوات عملية، يقول: "في كثير من المواقف كان هناك تضامن عالمي مع الصحفي الفلسطيني"، لكنه يوضح أنه في ظل الأحداث التي تمر بها بعض الدول العربية أصبحت القضايا كثيرة والتغطية كبيرة والعالم يلتفت للكثير من الأماكن التي تحتدم فيها الصراعات.
ويتمم: "ترجمة التضامن ربما كانت قديما واضحة. التضامن كان موجودا بشكل أكبر، كانت تأتي وفود إلى غزة وكان الصحفيون (الدوليون) يهتمون بقضايا غزة ربما الآن انصرفت الأنظار باتجاه الدول العربية التي تعاني من أزمات. أعتقد أن الاهتمام بموضوع الصحفي الفلسطيني تراجع".
وعلى ذلك، تنعقد الآمال بالمزيد من التضامن العالمي مع الصحفيين الفلسطينيين.