فلسطين أون لاين

​القوانين في البيت ضرورية دون التحول لـ"مؤسسة عسكرية"

...
غزة - فاطمة أبو حية

أن يكون للطفل تعليمات يلتزم بها في حياته، ضرورة ملحة لأجل سلامة العملية التربوية، ولكن ماذا لو زادت القوانين عن حدّها وأصبح تطبيقها عبئًا على الابن؟ وفي المقابل ماذا لو غابت تماما، وتُركت له حرية التصرف المطلقة؟

بالتوافق

ويقول الأخصائي النفسي د. إياد الشوربجي إن وجود سياسة تربوية يتبعها الوالدان في التربية أمر مهم جدا في الحياة الأسرية، وفي إدارة البيت، ولا بد أن تكون هذه السياسة بتوافق بينهما، لكي لا يحقق التضارب بينهما نتائج عكسية تنعكس على الأبناء.

ويضيف لـ"فلسطين": "من ضمن عوامل هذا الاستقرار، تحديد قوانين للتعامل ضمن الأسرة، كمؤسسة فيها قوانين لتسييرها بشكل سليم ولحماية أفرادها"، متابعا: "في هذه القوانين، التوافق ليس مطلوبا بين الأبوين فقط، ولكنه ضروري مع الأطفال أيضا".

ويتابع: "القوانين الأسرية تشمل كل مجالات الحياة في البيت، كأوقات الدراسة والترفيه واللعب خارج البيت والمساعدة في الأعمال المنزلية وغير ذلك، ولكن هذا لا يعني أن تكون صارمة بشكل يرهق الطفل".

ويوضح الشوربجي أن القوانين الأسرية يجب أن تكون سهلة التطبيق حتى لا ترهق الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار المرحلة العمرية للطفل، فما يسري على ابن الست سنوات لا يتناسب مع ذي الاثني عشر عاما، إلى جانب مراعاة قدرات الطفل ودرجة استيعابه لما يُملى عليه، ولا بد أن ترافقها المرونة في التطبيق، فمثلا يمكن تبديل وقت اللعب والدراسة في يوم ما.

وينصح بأن يجتمع الأبوان بالأطفال للتفاهم معهم بشأن القوانين، وإقناعهم بها من خلال الاستشهاد بالقصص والنماذج الحية، وهذا أفضل من فرضها عليهم بصرامة لأن عدم إقناعهم بها قد يدفعهم إلى عدم تطبيقها في غياب الأبوين.

مهمة لأنها تنظم الحياة الأسرية، وتريح الأبوين، ويعرف كل فرد حدود صلاحياته والمطلوب منه والصواب والخطأ الذي يجب تجنبه.

في بعض البيوت، قد تكون القوانين صارمة بدرجة مبالغ فيها، وهذا يحول المنزل، في نظر الأبناء، إلى مؤسسة عسكرية يمارس فيها الأبوان دور الشرطي، بحسب الشوربجي.

وعن هذه الحالة، يبين: "يشعر الطفل بعدم الاستقرار، ويفقد الشعور بالأمان، ويصبح تحت سيطرة الخوف المستمر من العقاب، مما يولد شخصية قلقة متوترة وغير مستقرة، وانهزامية، ويصبح منصاعا تماما للقوانين دون جدال، حتى تُسحق شخصيته ، أو يحصل العكس فيصبح ذا شخصية متمردة، وربما يلتزم بالقوانين، ولكن تؤثر الصرامة على جودة الالتزام، كأن يلتزم بالمدة المحددة للدراسة، لكن دون استيعاب معلومة واحدة، لأنه يدري بفعل القهر والإجبار، وعلى المدى البعيد ربما تكون شخصيته متسلطة وصارمة وغير محبوبة عندما يكبر".

وبالعكس، فبعض البيوت الحبل فيها متروك على الغارب، يفعل الأبناء ما يشاؤون، وهذه الأسر يسودها النمط الفوضوي، وأفرادها لا يعرفون حقوقهم ولا واجباتهم ولا التزاماتهم، وفقا للشوربجي.

وينصح الشوربجي الآباء والأمهات بالاتفاق على سياسة تربوية واضحة، وبضرورة تحديد قوانين لأسرتهم، وأن يتوافقوا عليها فيما بينهم أولا، ثم يقنعوا الأبناء بها، وأن يطبقوها بشكل مرن لا يرهق الأبناء.