لم يضحِّ نتنياهو بالسلطة، ولن يضحي بها، بعد أن أثبتت كفاءتها في العمل الذي يكلفها به الإسرائيليون، كما قال نتنياهو، وهو يضع النقاط على الحروف أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي، ويؤكد على الدور الوظيفي الذي تضطلع به السلطة الفلسطينية بإخلاص وإتقان.
وبلغة تخلو من المناورة السياسية، وبمضمون موجه إلى الشعب الفلسطيني، قال نتانياهو: سأقطع دابر الأمل لكم أيها الفلسطينيون بقيام دولة مستقلة، لقد قضي الأمر، فالواقع لا يسمح لكم بدولة، والنوايا الإسرائيلية بالسيطرة على أرض الضفة الغربية، لا تأذن للفلسطينيين بدولة، والسياسة الإسرائيلية بالمصلحة الإستراتيجية، تقضي بعدم قيام دولة فلسطينية، وعلى الفلسطينيين أن يستوعبوا هذه الحقيقة، وأن يقتنعوا بأن إسرائيل هي التي توجه عمل السلطة الفلسطينية عن بعد، وأن السلطة الفلسطينية حريصة على مصالح وأمن الإسرائيليين، أكثر من بعض الإسرائيليين، لذلك لن نسمح نحن الإسرائيليين بأن تنهار هذه السلطة، ولن نقبل عن السلطة الفلسطينية بديلًا، وهذه رسالة إسرائيلية إلى كل من يتطلع إلى الدعم الإسرائيلي، كوريث لمحمود عباس.
الوضوح في تصريحات نتنياهو عن استحالة قيام دولة فلسطينية، يحمل الكثير من المعاني السياسية، التي تؤكد على موت حل الدولتين نهائيًا، وعلى قيادة منظمة التحرير الكف عن المطالبة بدولة فلسطينية، وأن تمارس دورها الوظيفي فقط، الذي ارتضاه لها الإسرائيليون.
في هذا التصريح الواضح والصريح، يطمئن نتنياهو الرأي العام الإسرائيلي، ويطمئن حلفاءه من حزب الصهيونية الدينية، بأنه يقف خلف قرار الكنيست التسريع بالاستيطان، وأنه سيعمل على قطع التواصل الجغرافي كليًا بين شمال الضفة وجنوبها، عبر تطبيق مخطط التوسع الاستيطاني في المنطقة E1، فاستعدوا لذلك.
فماذا ستفعل قيادة منظمة التحرير إزاء هذه الفضيحة لدور السلطة؟ وهل في يد السلطة الفلسطينية أي ورقة ضغط على نتنياهو؟ وهي التي ربطت مصيرها، ووجودها، واقتصادها، وأنفاسها بالكيان الصهيوني؟
السلطة الفلسطينية ستصدر بيانات التنديد والشجب والإدانة، وسترفض عبر وسائل الإعلام تصريحات نتنياهو، ولكنها ستواصل سرًا ممارسة دورها الوظيفي بلا وجل.
ويبقى الجواب لدى الشعب الفلسطيني، وقد أصبح مصيره مهددًا بالتوسع الاستيطاني، وبعدم قيام دولة، وأصبحت السلطة عبئًا على المجتمع، الذي يتعرض للطعن بسكين التنسيق والتعاون الأمني على مدار الساعة.
والجواب لدى أغلبية الشعب الفلسطيني الذي ما زال صامتًا، وهو يرى السلطة الفلسطينية تحمي المستوطنين الصهاينة
والجواب لدى التنظيمات الفلسطينية، وواجبها الوطني في تخليص الشعب الفلسطيني من سلطة فاسدة، لا تخدم إلا مصالح المحتلين؟
والجواب لدى حركة فتح، التي تجاهلت تاريخها المناضل، وربطت مصيرها مع سلطة لا وظيفة لها إلا مطاردة المقاومين.
والجواب لدى كل الكفاءات الفلسطينية، وواجبهم الوطني في العمل معًا، بهدف التخلص من سلطة يحرص الاحتلال على بقائها على قيد الحياة، سلطة ذليلة تدور في فلك الاحتلال، سلطة تبيع الخدمات الأمنية، مقابل مساعدات مالية، وهي تحرص على أمن المستوطنين، على حساب أرض الفلسطينيين!
وكل عام والشعب الفلسطيني متمسك بحقه في كامل تراب فلسطين.