مع استمرار اعتداءات المستوطنين على أهالي القرى في الضفة الغربية المحتلة، وتجاهل أجهزة أمن السلطة لحماية المواطنين، تكونت لجان شعبية لتصبح "أداة أساسية" لمواجهة هذه الهجمات المستمرة.
يعيش المواطنون في قرى الضفة الغربية، ولا سيما في رام الله ونابلس، حالة من التأهب بعد الهجمات الأخيرة التي شنها المستوطنون على بيوتهم وأراضيهم الزراعية، وأسفرت عن استشهاد مواطن واحد وحرق عدد كبير من المنازل والمحاصيل.
وفي غياب تام لجهود أجهزة أمن السلطة للقيام بواجبها الوطني والمهني في حماية المواطنين ومنع اعتداءات المستوطنين، لم تتجاوز زيارة رئيس الحكومة برام الله محمد اشتية إلى القرى المستهدفة عقْد مؤتمر صحفي، والتقاط الصور.
وأثرت جرائم المستوطنين في قرية ترمسعيا شمال رام الله في البنية التحتية والاقتصاد المحلي، فقد أُحرق 30 منزلاً، بما في ذلك 15 منزلًا أُحرقت بالكامل، ودُمر أكثر من 60 مركبة، ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمحاصيل الصيفية. وقُطعت أيضًا العديد من الأشجار التي تزيد أعمارها على 30 عامًا.
وأكد رئيس بلدية حوارة، معين الضميدي، أن اعتداءات المستوطنين على بلدته لم تتوقف وتستمر بشكل شبه يومي، مع غياب أي تدابير رسمية لمواجهتهم ووقف تلك الأعمال العدوانية، باستثناء تضافر جهود المواطنين.
وصرح الضميدي لصحيفة "فلسطين" قائلاً: "عندما يقتحم المستوطنون بلدة حوارة، يحرقون السيارات والممتلكات الشخصية للمواطنين، ويخربون كل ما يصادفهم، مسببين خسائر مالية جسيمة".
وأضاف: "المواطنون هم الوحيدون الذين يواجهون المستوطنين، وذلك من خلال تشكيل اللجان الشعبية، التي تلعب دورًا في صدهم والتصدي للاعتداءات، وتقليل حجم الخسائر".
وأوضح أن الإمكانات المتاحة للجان الشعبية محدودة، ولكنها تعتمد بشكل كبير على تكاتف الأهالي وصمودهم في مواجهة تلك التحديات، وإلا لو لم يكن لهم وجود، لحدث تخريب وحرق شامل في بلدة حوارة.
وأشار إلى أن المواطنين في حوارة يعيشون في حالة تأهب دائمة، مع السعي لحماية منازلهم وممتلكاتهم من اعتداءات المستوطنين العنيفة، وذلك في ظل غياب أي جهة رسمية تقدم الحماية المطلوبة.
اقرأ أيضاً: دعوات لتشكيل لجان حماية شعبية للتصدّي لاعتداءات المستوطنين
وأكد الضميدي أن اللجان الشعبية تعد أداة أساسية لمواجهة الاعتداءات، وتعزز من قدرة المجتمع المحلي على التصدي لهذا النوع من التحديات والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم.
أداة حيوية
وأكد منسق مجموعة شعبية لحماية المواطنين في جنوب نابلس، سامر حمايل، أن اللجان الشعبية تمثل أداة أساسية وحيوية لتنظيم حماية أهالي القرى من استمرار هجمات المستوطنين التي لا تتوقف.
وأوضح حمايل لصحيفة "فلسطين" أن هناك إصرارًا قويًا من المواطنين على المشاركة في اللجان الشعبية لحماية الأرض والممتلكات، ومواجهة المستوطنين باستخدام كل الأدوات المتاحة. وأضاف: "تعتمد مهمة اللجان الشعبية على تشارك المواطنين في السهر والتناوب لحماية المنازل والأراضي والممتلكات، ومنع وصول المستوطنين إليها، وقد أثبتت هذه الجهود نجاحها بشكل واضح في بلدة بيتا".
وشدد على ضرورة توسيع نطاق عمل اللجان الشعبية وتفعيلها بشكل أوسع في القرى والبلدات في الضفة الغربية، من أجل تقليل آثار هجمات المستوطنين على ممتلكات المواطنين وأراضيهم.
ورأى المختص في شؤون الاستيطان، خالد منصور، أن الجرائم التي يرتكبها المستوطنون بتواطؤ جيش الاحتلال لا يمكن إيقافها إلا من خلال مقاومة شعبية وشاملة، وأحد أشكالها اللجان الشعبية المكلفة بالدفاع عن النفس وحماية الأرواح.
وأوضح منصور لصحيفة "فلسطين"، أن اللجان الشعبية وحدها غير كفيلة بوقف الاعتداءات، ولكن التصدي الجماعي من المواطنين لهجمات المستوطنين سيجبرهم على التراجع ومنعهم من حرق الممتلكات والاعتداء.
وأشار إلى أن اللجان الشعبية تتألف من مجموعة من المتطوعين، ولكنها تشكل استجابة لهجمات المستوطنين فقط، ولذلك فإنها بحاجة إلى تشكيل دائم لحماية المواطنين.
وأوضح أن اللجان الشعبية تعمل كنظام إنذار مبكر في القرى والبلدات، حيث تنشط مع الأهالي عند هجوم المستوطنين، وتعمل على التنسيق والاستعداد لمواجهتهم.
وشدد على ضرورة أن تتخلى الأجهزة الأمنية للسلطة عن التزامات اتفاقية أوسلو من أجل حماية المواطنين من هجمات واعتداءات المستوطنين، ووقف التنسيق الأمني.