تأسن المياه الراكدة، وقد شهدت القضية الفلسطينية ركودًا سياسيًا، وتجاهلًا دوليًا طوال سنوات الهدوء والصمت، ولم يسمع الفلسطينيون صوتًا عربيًا أو دوليًا قلقًا وفزعًا من تواصل العدوان الإسرائيلي، إلا بعد أن رفع شباب جنين ونابلس والخليل وأريحا صوت رصاصهم عاليًا، ليبدأ الحراك الدولي على أكثر من صعيد، بين مؤيد لحقوق الفلسطينيين، ومعترض على الممارسات الإسرائيلية العدوانية، هذا الحراك يرسل برسائله إلى قيادة السلطة الراكدة أولًا، قبل أن يؤكد القناعة لدى الشعب الفلسطيني، بأهمية وضرورة مواصلة مشوار المقاومة، لأن المواجهات هي الطريق الوحيد الذي يرفع صوت المؤذن بالحرية والنصر.
لقد تابعت حراك بعض الدول والمنظمات الدولية الرافضة للعدوان الإسرائيلي، وقد رصدت التالي:
1ـ أدان الاتحاد الأوروبي عدوان المستوطنين على السكان المدنيين في الضفة الغربية، وقال سفين كون فون ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين: إن ما قام به المستوطنون في ترمسعيا عمل إرهابي، مؤكدًا أنه كان هناك تواطؤ بين المعتدين والسلطات الإسرائيلية.
كما قال الوفد الأوروبي: إن المستوطنات في الضفة غير قانونية وبنيت على أراضٍ فلسطينية، وشدد على ضرورة وقف توسيعها، مشيرًا إلى أن عمليات قتل الفلسطينيين وصلت إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 2005.
2ـ حذر المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من خطورة تصاعد العنف في الضفة داعيًا إلى وضع حد له فورًا، وطالب (إسرائيل) بالالتزام بالقانون الدولي، وإجراء تحقيق فعال بشأن انتهاكاتها في الضفة الغربية.
4ـ ردًا على قرار الحكومة الإسرائيلية بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، وردًا على العنف الإسرائيلي ضد سكان الضفة الغربية، قررت ألمانيا سحب توقيعها على مذكرة إدانة، قدمتها أمريكا ضد لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وللعلم، فقد سبق أن أيدت ألمانيا مثل هذه المذكرة.
5ـ أعلن وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة عن إلغاء لقاء منتدى النقب الذي كان مقررًا انعقاده في المغرب في شهر تموز/ يوليو بمشاركة (إسرائيل)، وللتذكير، فقد سبق وأن أغلق المغرب سفارة (إسرائيل) في بلاده مع اندلاع انتفاضة الأقصى.
6ـ طالب أعضاء في الكونغرس الأميركي عن الحزب الديمقراطي، من ضمنهم رشيدة طليب، بوضع حد لاعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين العزل، وطالب عضو الكونغرس أندريه كارسون بتحقيق العدالة للفلسطينيين، بمن فيهم الذين يحملون الجنسية الأميركية، الذين تتعرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر على أيدي المستوطنين الإسرائيليين المسلحين بحماية الجيش الإسرائيلي، وقالت تشي غارسيا: "نعلم أن الفلسطينيين سيستمون في مواجهة التهديدات لمنازلهم وسبل عيشهم وسلامتهم"، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في التسامح مع العنف المنهجي ضد الفلسطينيين.
7 ـ حتى الإدارة الأمريكية تحركت، وهي المعروفة بدعمها المطلق للصهاينة، فأعرب جيك سوليفان، مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي عن قلقه العميق إزاء هجمات المستوطنين المتطرفين الأخيرة ضد المدنيين الفلسطينيين، وتدمير ممتلكاتهم في الضفة الغربية، وأكد من جديد أهمية محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف هذه.
ملحوظة: عبر تاريخ القضية الفلسطينية، لم يتحرك العالم مساندًا لمظلومية الشعب الفلسطيني، ومعترضًا على العدوان الإسرائيلي، إلا مع تصاعد المواجهات على الأرض، فإذا تحقق الهدوء، وانشغل الناس بالمفاوضات العبثية، وقدست القيادة التنسيق والتعاون الأمني، ينام العالم، وقد اطمئن على وضع القضية في ثلاجة الانتظار، في حين اليد الإسرائيلية تقبض على السكين، تذبح وتسلخ.