لماذا لا يُجدي الشجب العربي والدولي لهجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية، وعلى المواطنين فيها، وحرق دورهم وسياراتهم؟ الدول العربية والدول الغربية وأميركا لا تحس إحساسا كافيا بالمشكلة، على قاعدة من يعدّ الضرب بالسوط لا كمن يأكله ويقاسيه، أي إن إحساسهم باهت جدا، أو قل إحساس كاذب، أو قل هم منافقون فيما يعبرون عنه من استنكار لإحراق المنازل والمركبات.
ويمكن القول أيضا إنهم حين يصدقون في مشاعرهم لا يملكون إرادة عقاب المعتدين؛ لأن المعتدين، وأعني هنا الإسرائيليين منهم وفيهم، وهم عندهم فوق القانون الدولي، وإن الاستنكار إجراء وجداني كافٍ حتى لا يطمع العرب والفلسطينيون فيما هو أبعد من الاستنكار.
دولة الاحتلال والاستيطان تحظى بحماية دولية من قرارات مجلس الأمن وغيرها من المؤسسات الدولية، لأن أميركا الدولة الأقوى في العالم والأكثر رعاية للدولة الصهيونية تعطل جميع قرارات مجلس الأمن التي تستهدف عقاب (إسرائيل) على هجماتها الإرهابية القاتلة.
أميركا لا تحمي دولة الاحتلال فحسب، بل هي تحمي أيضا المستوطنين، أي تحمي مجتمع الكراهية الأول في العالم، المجتمع الذي يواصل الإحراق الذي توقفت عنه ألمانيا، ويعتدي على دين الإسلام ويمزق المصاحف، وهو ما توقف بتوقف الحروب الصليبية.
المستوطنون يجددون النازية، ويجددون الحروب الصليبية، ولا يخشون التنديدات الغربية والأميركية، ويسخرون من تنديدات السلطة، والبلاد العربية. المستوطنون فوق القانون الدولي، بل وفوق القانون الإسرائيلي، أو قل هم القانون في دولة استعمارية تقوم على الاستيطان، وتجعل المستوطنين رأس حربة لها في مشاريعها في الأراضي الفلسطينية.
هذه الحالة الصعبة والمعقدة تفرض على الفلسطينيين البحث عن حلول مجدية توقف إرهاب المستوطنين، وتقتلع النازية من صدورهم. لا يملك العلاج أحد غير الفلسطيني، وقديما قالوا: لكل داء دواء، ولا دواء لمرض الاستيطان إلا عند الفلسطيني نفسه، فهو الأعلم بالداء وبالدواء.