عندما اندلعت المواجهات في مدينة جنين، بشمالي الضفة الغربية المحتلة، لم تتوقع عائلة دراغمة أن ابنها أحمد سيشارك في هذه الأحداث.
ظهر الشاب البالغ من العمر 19 عامًا بجرأة استثنائية في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تقدم في صفوف الشبان الذين تصدوا لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومطاردة الجيبات المصفحة على الرغم من كثافة النيران.
واستشهد أحمد من جراء إطلاق نار من قوات الاحتلال خلال الاشتباكات العنيفة التي وقعت في جنين بعد اقتحام المدينة.
"إنه لم يتأخر عن التصدي لقوات الجيش، لقد استشهد مقبلاً غير مدبر..." قال فوزي دراغمة بفخر عن ابن شقيقه الشهيد أحمد.
وأضاف فوزي لـ"فلسطين": أنه أصيب برصاصة في الرأس، تسببت باستشهاده فورًا.
ولم تكن عائلة الشهيد التي تقطن في محافظة طوباس شمال الضفة الغربية، تدرك أن ابنها أحمد كان مشاركًا في المواجهات في جنين.
اقرأ أيضاً: إصابات بالاختناق في مواجهات بجنين واعتقالات في طوباس وأريحا
فاجأتهم الأنباء عن استشهاده وهم يسمعون اسمه ضمن الذين ارتقوا خلال الاشتباكات.
وأسفر عدوان جيش الاحتلال في جنين عن استشهاد 6 مواطنين، بينهم الشهيد دراغمة، وإصابة نحو 100 آخرين، بينهم 23 في حالة خطيرة.
وأفاد فوزي دراغمة أن ابن شقيقه كان يتابع دراسته في تخصص التجارة في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، كان لديه انتماء وطني قوي دفعه للمشاركة في أي مواجهة سواء داخل طوباس أو في أي منطقة أخرى.
وأضاف: كان يتواجد في جنين عندما اقتحمت قوات الاحتلال المدينة، وذلك كجزء من سياسة الاحتلال في مطاردة واعتقال المطلوبين أو حتى اغتيالهم.
أضاف عم الشهيد أن أحمد كان يتنقل دائمًا بين طوباس وجنين للمشاركة في المواجهات التي ترافق اقتحام جيش الاحتلال، مؤكدًا أن عائلته فخورة بمشاركة ابنها في هذه المواجهات.
وأكد عم الشهيد أن قوات الاحتلال تفرض حصارًا على الضفة الغربية، وتمارس أعمال قتل وإعدام واعتقال تعسفية، بالإضافة إلى تشريع قوانين عنصرية وانتهاك المقدسات الدينية.
وأشار إلى أن الوضع الحالي الذي يعيشه الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية لا يمكن قبوله، فهم يرفضون تلك الانتهاكات المستمرة والاستفزازات.
وأوضح أن جرائم الاحتلال تدفع الشباب الفلسطيني إلى مقاومة الاحتلال بوسائل مختلفة.
وأكد عم الشهيد أن إصرار الشباب على المواجهة يعد فشلاً للرهان الإسرائيلي على أن ينسى الجيل الحالي قضيته الوطنية بعد مرور 75 سنة على قيام (إسرائيل).
أما عن والدي الشهيد، ذكر فوزي دراغمة أنهما تقبلا فراق ابنها بألم شديد اعتصر قلبيهما، مؤكدان أنها أقدار الله.
وأضاف أن ما يمارسه جيش الاحتلال من عمليات إعدام بدم بارد ضد المواطنين، واستمرار الاقتحامات والاعتقالات، هو أمر مرفوض، ولن يقبل به أبناء الشعب الفلسطيني تحت أي ظرف، وتابع أن استمرار هذه الانتهاكات سيدفع الشباب لمواصلة التصدي لها، مشددًا على أن "شبابنا يتمتعون بالعزيمة والإرادة التي تجعلهم قادرين على مواجهة المحتل".
وشيّعت جنازات الشهداء في جنين، ومن ضمنهم أحمد دراغمة بمشاركة آلاف المواطنين، في مراسم مهيبة.
وخلال هذا الوقت، تمكن الأسير مهيب دراغمة، شقيق الشهيد أحمد، من إلقاء نظرة الوداع على شقيقه من خلال مكالمة فيديو هاتفية من خلف قضبان سجون الاحتلال، ولكن هذا الفعل لم يرق لإدارة السجون، التي قررت عزله؛ عقابًا على تلك المكالمة.
وتداول نشطاء مواقع التواصل صورة للأسير وهو يتابع جنازة شقيقه أحمد في مشهد أصبح يتكرر كثيرًا بالنسبة للعائلات الفلسطينية في الأراضي المحتلة، ممن تذوقوا مرارة الفقد والحرمان بسبب جرائم الاحتلال، التي غيبت مواطنين ما بين شهداء وأسرى، وعائلات أخرى غُيب أبناؤها قسرًا شهداء وأسرى كما حصل مع عائلة دراغمة.