لا توجد دولة في العالم، لا كانت ولا ستكون، صاغت وشرعت قانونا يجيز محاكمة الأطفال من فوق 12 سنة حتى 18 سنة وحبسهم، بتهمة مقاومة الاحتلال، باستثناء المستعمرة التي تعمل على تشريع قانون يُلبي حقدها وديمقراطيتها الفاقعة وما بينهما، لمحاكمة واعتقال وحبس أطفال فلسطين، سواء في مناطق 48 أو مناطق 67، فهم أبناء شعب واحد، عملت المستعمرة على تمزيق جغرافية بلدهم وتماسكهم السكاني الديموغرافي بين أربعة مناطق: 1- مناطق الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، 2- أبناء القدس، 3- أبناء الضفة الفلسطينية، 4- أبناء قطاع غزة، وستعمل ضمن برنامجها الاستيطاني المقبل على تمزيق الضفة إلى ضفتين جنوبها وتشمل الخليل وبيت لحم، وشمالها تضم رام الله حتى طولكرم وجنين ويقطع بينهما مد المستوطنات من القدس إلى الغور لتحول دون التواصل بين شمال الضفة وجنوبها.
لم يسبق لأي نظام استعماري أن امتلك شجاعة- وقاحة، ما تفعله المستعمرة، فهي خزنت خبرات وتجارب النظم الاستعمارية وعملت بها وتفوقت عليها، بما فيها ما فعلته القيصرية والنازية والفاشية بحق اليهود.
كنا ولا زلنا نتعاطف مع معاناة اليهود والظلم الذي وقع عليهم من قبل الأوروبيين، ولكن الشعب الفلسطيني لم يجد التعاطف والدعم الذي يستحقه من قبل الأنظمة الأوروبية، لأنها هي التي صنعت المستعمرة ودعمتها، وعملت على استكمال مشروعها الاستعماري التوسعي على أرض الشعب الفلسطيني وعلى حسابه ومساً بحقوقه، وكذلك عانى ولايزال من أولئك الذين أتوا من أوروبا مستعمرين أو مستثمرين أو هاربين.
تكتب لي إدارة الواتس أب أن كتاباتي محتوياتها محظورة، لأنها تتعرض للمستعمرة، فهل صياغة قانون يمس الأطفال من 12 إلى 18 سنة مادة مقبولة، والتصدي لهذا القانون وفضحه أيضاً محتوى محظور؟
رغم المعاناة والوجع الذي يمس الفلسطينيين، ورغم الدعم أو الغطاء الذي تتمتع به المستعمرة من قبل الولايات المتحدة وكندا والعدد الأكبر من بلدان أوروبا، ولكن المعطيات التدريجية والنضال الفعلي للشعب الفلسطيني، والإنجازات التراكمية، لن تكون في نهاية المطاف سوى هزيمة للمستعمرة وأدواتها ومن يقف إلى جانبها، وانتصار فلسطين، لأن مشروع المستعمرة ظالم، غير قانوني، غير شرعي، والقضية الفلسطينية محقة وعادلة، وأقلها ما شرعته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراري: 1-قرار التقسيم 181، و2- قرار عودة اللاجئين 194، لهو دلالة أكيدة على المعيار والقيمة والحصيلة الفاقعة التي لا يستطيع أحد إنكارها مهما بلغ من التخلف والعدوانية والنكران.