مع تزايد التقارير الإسرائيلية حول اقتراب أو تعثُّر المسار التطبيعي مع السعودية، التي لا تخفي رغبتها بامتلاك أسلحة نووية، ولو في المجال المدني مبدئيًّا على الأقل، فقد تحدثت الأنباء أن الإدارة الأمريكية تضغط من أجل إنجاز اتفاق إسرائيلي سعودي، وهدفها النهائي الوصول إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل بإنجاز سياسي يمكّن من انتخاب بايدن مرة أخرى.
تدرك المحافل السياسية والدبلوماسية الاسرائيلية أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تريد التركيز على الصين وروسيا، ولهذا الغرض، ترى أنه من الضروري توسيع مسار التطبيع في المنطقة العربية، مع العلم أن رغبة السعودية بإنتاج أسلحة نووية مسألة مطروحة على الطاولة منذ سنوات، لكنه عاد من جديد مع بوادر الاتفاق السعودي الإيراني الذي شكّل خبرًا سيئًا للاحتلال.
في الوقت ذاته، تراقب الأوساط الإسرائيلية التطلع السعودي لتخصيب اليورانيوم في أراضيها، وهي بالمناسبة طموحات ليست جديدة، لا سيما في ضوء إعلانها المتكرر أنه إذا حصلت إيران على الطاقة النووية، فإن المملكة ستفعل ذلك أيضًا، وفيما تستخدم إيران حاليًا الغموض فيما يتعلق بإنجازاتها في المجال النووي العسكري، فإن المزاعم الإسرائيلية تتحدث أن الرياض قدمت التمويل لباكستان بهدف أن تبقي بعض قنابلها جانبًا لصالحها، حين يحين الوقت، رغم أنه حتى يومنا هذا لا يوجد تأكيد واضح لهذا الادعاء الاسرائيلي.
مع العلم أن التمنّع الإسرائيلي عن الموافقة على مطالب السعودية الخاصة بالحصول على القدرات النووية، ينطلق من فرضية مفادها أن المملكة تحاول عبر عدة طرق الوصول إلى هذا الهدف، بالتزامن مع إخفاق الاحتلال والولايات المتحدة بعدم وجود حوار بينهما حول التعامل مع القنبلة الإيرانية، في حال إنجازها.
صحيح أن واشنطن وتل أبيب لا تخفيان توجهاتهما نحو إلغاء البرنامج النووي الإيراني، فيما لم يقدم السعوديون بديلا لحصولهم على القنبلة، على شكل مظلة نووية، أو وضع قنابل نووية أمريكية فيها، لكن عدم وجود نقاش جاد حول إيران نووية، وعدم وجود بدائل، وحقيقة أنه لا أحد ينوي الهجوم عليها، فإن ذلك نقل رسالة للرياض مفادها أنها وحيدة في مواجهة طهران، وهذا الكلام كان سائدًا لما قبل إنجاز الاتفاق السعودي الإيراني.
يتزامن الإصرار السعودي بالحصول على القدرات النووية مع فشل الاحتلال بالقضاء على البرنامج النووي الإيراني، وقد لا ينجح أيضاً أمام جهود المملكة بالحصول على السلاح النووي، المدني على الأقل، وبما أنه لن يكون قادرًا على إحباط برنامج نووي سعودي، فقد يسعى لتطبيع العلاقات معها بزعم تقوية الدائرة التي "تطوّق" إيران، وتقريب المملكة من المحور الإسرائيلي الغربي، بديلًا عن ذهابها للمحور الروسي الصيني.