فلسطين أون لاين

مهاجمة إيران أولًا وغزة ولبنان تاليًا

المصلحة الإسرائيلية في مهاجمة إيران لا تقتصر على ضرب القدرة النووية لإيران، والحفاظ على التفوق النووي الإسرائيلي، المصلحة الإسرائيلية تقضي بأن تنكسر إيران في جميع المجالات، وتنشغل بحالها، بعيدًا عن القضية الفلسطينية، التي عادت إليها الحياة، بعد أن عادت إليها الروح القتالية، وقد أمسك الشعب الفلسطيني بسلاحه، مدعومًا من إيران عسكريًا وماديًا وسياسيًا.

لقد اعترف نتنياهو في لجنة الشؤون الخارجية والأمن: أن أكثر من 90٪ من مشاكل (إسرائيل) الأمنية تنبع من إيران، ومن حلفائها، وأعلن نتنياهو بوضوح: أن أي اتفاق أمريكي مع إيران، لن يلزم (إسرائيل) بعدم الدفاع عن نفسها، وستحتفظ (إسرائيل) بحقها في العمل عسكريًا ضد المنشآت النووية الإيرانية.

المنشآت النووية الإيرانية فزاعة نتنياهو أمام المجتمع الدولي، ولكن الحقيقة التي توجع الصهاينة، وترعبهم، هو الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، مقاومة فرضت على (إسرائيل) الحياة في حالة من الترقب لم تشهدها من قبل، حيث تنام (تل أبيب) على توقيت صواريخ المقاومة، وتصحو على قلق فقدان قدرة جيشها الذي كان لا يقهر.

المنافسة على قيادة المنطقة، وبسط الهيمنة غير بعيدة عن الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الشرق، فـ(إسرائيل) لا تريد منافسًا إقليميًا، ولا تقبل العيش تحت التهديد اليومي، وترفض أن تفقد هيبتها وسطوتها في المنطقة، فإذا أضيف لما سبق حالة الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، وتراجع التأييد لنتنياهو في استطلاعات الرأي، كل ذلك يجعل من مهاجمة إيران مخرجًا من هذه الحالة غير المسبوقة بالنسبة للحكومة الإسرائيلية.

وتدرك (إسرائيل) أن أي حرب ضد إيران سيكون لبنان داخل المعركة بعد ثوانٍ، وستكون غزة حتمًا جزءًا من المعركة، فليس من المعقول أن تقف غزة موقف المتفرج من حرب ستقصم ظهر (إسرائيل)، هذه الحقائق تحتم على القيادة الإسرائيلية العمل على ضرب إيران أولًا، وذلك لعدة أسباب، منها:

1ـ ضرب إيران أولًا، يضمن دعم الولايات المتحدة الأمريكية المطلق، في حين ضرب غزة أو لبنان أولًا، قد يعرض (إسرائيل) للنقد الدولي، وقد سبق أن ضربت (إسرائيل) المفاعل النووي العراقي في تموز 1980، وهي تثق أن أمريكا لن تتخلى عنها.

2ـ ضرب إيران أولًا، وبحجة درء خطر المفاعل النووي، يعزز التحالف الدولي الداعم للعدوان الإسرائيلي، حتى ولو تدخلت المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، سيظل عنوان الحرب هو المفاعل النووي الإيراني.

3ـ ستحرص (إسرائيل) على ألَّا يكون المسجد الأقصى، أو القضية الفلسطينية هي العنوان لأي حرب قادمة، ليكون العدوان تحت عنوان ضرب المفاعل النووي الإيراني.

وتدرك الإدارة الأمريكية أن (إسرائيل) تريد أن تجرها إلى حرب ضد إيران، لذلك تحاول أمريكا إعاقة زمن الحرب، ولكنها لا تستطيع منع (إسرائيل) من تنفيذ تهديداتها، وحين التقى وزير الحرب الإسرائيلي مع وزير الدفاع الأمريكي في بروكسل، قبل أيام، انصب الحديث على السلوك الإيراني ضد (إسرائيل) بمن سماهم "وكلاءها" في المنطقة، وقد اتفق الجانبان على زيادة التدريبات العسكرية المشتركة.

وتدرك (إسرائيل) أن جبهتها الداخلية في قلب المعركة، لذلك تدربت في مناورات الضربة القاضية على استقبال سيل من الصواريخ الإيرانية، وصواريخ المقاومة، وهيَّأت (إسرائيل) الرأي العام لمعركة تكون فيها الجبهة الداخلية جزءًا من الحرب، وقد أسهم الإعلام الإسرائيلي في إعداد المجتمع لحرب كبيرة مع إيران وحلفائها، ولمدة طويلة، مع خسائر كبيرة، دون التغافل عن قدرات حزب الله في السيطرة على مستوطنات شمال فلسطين.

نتنياهو سيتخذ قرار الحرب لإفشال الجهود الأمريكية في الوصول إلى تسوية مع إيران، والحكومة الإسرائيلية ليست بحاجة إلى موافقة الولايات المتحدة للعمل عسكريًا ضد إيران، (إسرائيل) بحاجة إلى الدعم الأمريكي العسكري في ميادين القتال، والدعم السياسي في الساحة الدولية، وهذا مضمون ومكفول من الإدارة الأمريكية.