فلسطين أون لاين

الاحتلال يواجه تهديد ست جبهات بستة أبعاد

مع إعلان جيش الاحتلال نتائج تحقيقه في عملية العوجا، على الحدود المصرية الفلسطينية، وما كشفته من جوانب إخفاق عديدة لجنوده، فإن ما شهدته هذه الحدود أضافت هذه الجبهة إلى باقي الجبهات التي يخوض فيها الجيش جملة من المواجهات على مدار الساعة، تنخفض حيناً، وتتصاعد أحيانًا أخرى.

وقد دأب الاحتلال مؤخرًا على ترديد عبارة أنه "لا يوجد جيش في العالم يمكنه التعامل مع ست جبهات في نفس الوقت"، بهدف التخفيف من حدة الانتقادات الموجهة لجوانب فشله وإخفاقه، حول أدائه في عدة أحداث مختلفة، وتهدئة مخاوف الإسرائيليين، وهم يرون جيشهم يقع في "شرِّ أعماله" على منطقة يسميها "حدود سلام"، فكيف سيكون الحال لو وقعت مثل هذه العملية في "حدود معادية"؟

ما زاد الطين بلّة لدى الإسرائيليين أن الكشف عن نتائج التحقيق في هجوم العوجا، تزامن مع انتهاء الجيش من مناوراته العسكرية "اللكمة القاضية"، وشهدت محاكاة علنية لخوض حرب شاملة متعددة المجالات، كما حدث في حرب أكتوبر 1973، ومن يومها قبل خمسين عامًا لم يشهد الاحتلال مثل هذه الحرب التي انطلقت من أكثر من جبهة، وقيل يومها أن جولدا مائير كادت أن تستخدم السلاح النووي.

 اليوم، حتى لو لم يتعرض الاحتلال لسيناريو الحرب الشاملة، فإنه في الأوضاع الروتينية العادية، يواجه بانتظام ست ساحات مختلفة: لبنان، سوريا، الضفة الغربية، قطاع غزة، إيران، وأخيرًا حدود سيناء التي ينفذ فيها جيش الاحتلال نشاطًا بلا توقف ضد العناصر المعادية، وفي الوقت الذي يواجه الجيش الجبهات الست، فإنه يتعامل معها بأبعاد ستة أخرى: البرية والجوية والبحرية والسيبراني والطيف الكهرومغناطيسي والوعي.

في الوقت ذاته، فإن مواجهة الاحتلال لهذه الجبهات المختلفة تدفعه لاتباع وسائل وأساليب تختلف في كل جبهة عن سواها، فلا علاقة للاستخبارات بشأن صواريخ حزب الله في لبنان بإحباط عمليات المقاومة في الضفة الغربية، والجهد الاستخباري المبذول ضد قوافل الأسلحة والمستودعات في سوريا لا تشبه مواجهة محاولات التسلل من الحدود المصرية، في حين أن التعامل الإسرائيلي مع المقاومة في غزة، وأنفاقها وصواريخها لا يبدو ذو صلة حين يكون الحديث عن التصدي للسلاح النووي الإيراني.

تكشف هذه الفروقات عن حجم المعاناة التي يواجهها جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية لجمع المعلومات الاستخبارية، والوسائل القتالية، وتوفير أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المختلفة من ساحة لأخرى، ما يدفعه إلى العثور على أساليب قتالية جديدة لا تناسب الساحات الأخرى، ودون أن تضمن له في النهاية حلًّا جذريًّا لما يعترضه من تهديدات وتحديات، على الأقل وفق الاعتراف الإسرائيلي ذاته.