في جائحة كورونا التي ضربت العالم قبل ثلاثة أعوام، اضطرت الشركة التي تعمل بها ربى رجب إلى الاستقالة تحت تأثير الضغط غير المباشر، بهدف التخلص من عدد من الموظفين، ظاهر الأمر يعد مُرًا، ولكنه حمل في باطنه قدرًا دفعها نحو تحقيق حلمها في تصميم الأزياء.
درست رجب الهندسة الإلكترونية لتحقق حلم والدها، وعملت بشهادتها على مدار 20 عامًا في مؤسسات المجتمع المدني في مجال إدارة الأعمال، وفي خضم تلك السنوات أكملت الدراسات العليا، وحصلت على ماجستير دراسات دولية علوم سياسية.
في عمر السادسة كان لدى رجب ولع شديد بتفصيل الأزياء لدميتها بتصاميم مختلفة، كبرت الموهبة، حتى عزمت على دعمها بالدراسة الأكاديمية، ولكن النظرة الدونية آنذاك تجاه تصميم الأزياء حالت دون ذلك.
تقول رجب لـ"فلسطين": "حاولت دراسة تصميم الأزياء ولكني وجدت رفضًا شديدًا من والدَي وعائلتي أيضًا، فلم يكن هذا المجال شائعًا ولا مستساغًا".
ذاقت رجب من الفقد نوعان، إذ فقدت وظيفتها وفقدت والدها الذي توفي بفيروس كورونا، إضافة إلى مرورها بظروف صحية، تمكنت من تخطيها لتعاود الوقوف على قدميها من جديد.
تضيف: "تفاجأت من أبي بعد وفاته بأنه خصص لي مبلغًا من المال لتحقيق حلمي في تصميم الأزياء، لأنه كان يشعر بتأنيب الضمير طوال الوقت لإجباره لي على دراسة الهندسة، فاعتبرت أن هذا الأمر رسالة واضحة بأنه حان الوقت لتحقيق حلمي".
إضافة إلى موهبتها في تصميم الأزياء، تمتلك رجب موهبة الرسم فهي تجمع في تصاميمها بين الرسومات والتطريز الفلاحي.
تبين رجب أنها قررت تدعيم حبها لتصميم الأزياء بالدراسة الأكاديمية، فخاضت تجربة التدريب المكثف لتصميم الأزياء، والخياطة، وحصلت على شهادة من مكتب وزارة العمل.
ولع بالتطريز
لم تنتظر رجب وقتًا طويلًا لترتيب أمورها بعد انتهاء التدريب، تقول: "في اليوم التالي لانتهاء التدريب ذهبت لنابلس وابتعت الماكينات التي تساعدني على الخياطة، وأردت مشروعًا غير مألوف وغير تقليدي".
وتشير إلى أنها بدأت بالبحث عن الأثواب القديمة لدى صديقات والدتها في قرى رام الله، وبالتحديد في دير دبوان حيث مرت بالسوق فوجدت بالصدفة أثوابًا معروضة للبيع على "بسطة"، فاستصلحت بعضها وأعدت تدويرها.
وعن سر ارتباطها بالتطريز الفلاحي، تشير رجب إلى حبها الشديد للتطريز الذي تحب أن تراه على الملابس القديمة والحديثة، وفي كل شيء في حياتها عدا الأحذية.
وتبين أنها تعيد تدوير الأثواب المهترئة وتصنع منها الحقائب، والمحافظ، وأغطية الأثاث، وسترات، وفساتين، وأغطية لسلة المهملات، وإكسسوارات للسيارات.
وتطمح رجب بأن تصبح منتجاتها علامة تجارية في مجال تصميم الأزياء والمحافظة على التراث بأشكال متطورة، والتصدير لجميع أنحاء العالم.
وتشير إلى أن السيدات اللاتي تفوق أعمارهن 40 عامًا أكثر الفئات إقبالًا على منتجاتها، أما الصبايا التي تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى 30 عامًا فيقبلن على شراء الحقائب القماشية الصديقة للبيئة التي أصنعها من الأثواب القديمة، أو تزينها برسوماتها التي تحمل الطابع الفلسطيني.
غير أن رجب تواجه صعوبة في التسويق، "فكل المحلات التي تسوق منتجاتي تأخذها برسم البيع، وهذا يمنعني من تحقيق ربح يمكنني من شراء مواد خام، إضافة إلى عدم وجود مشغل مستقل، إذ أعمل حاليًا من البيت الذي أصبح مكتظًا بالأثواب، والكراتين".
وتختم حديثها برسالة لكل سيدة: "لا تجعلي أي شيء يقف في طريق تحقيق حلمك، اسعي نحو تحقيق طموحك، حتى لو تعثرت الأمور عشرات المرات، ستنجحين في النهاية مع الإصرار، والعزيمة، والطاقة الإيجابية"، ناصحة إياها بإحاطة نفسها بالأشخاص الإيجابين، الداعمين، والمشجعين.