فلسطين أون لاين

عقب "هبة الكرامة".. لماذا تصاعدت جرائم القتل في الداخل المحتل؟

...
عقب "هبة الكرامة".. لماذا تصاعدت جرائم القتل في الداخل المحتل؟
الناصرة- غزة/ أدهم الشريف:

يُجمع مراقبون على أن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأول من جرائم القتل المنتشرة في المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، والتي تصاعدت وتيرتها عقب "هبة الكرامة" منتصف عام 2021.

وشهدت أراضي الـ48 الخميس الماضي يومًا داميًا، قتل فيه ستة فلسطينيين وأصيب آخرون بجروح خطيرة، ليسجل عدد ضحايا جرائم القتل منذ بداية 2023 رقمًا قياسيًا.

وغالبية هذه الجرائم ارتُكبت باستخدام أسلحة نارية تنتشر بكثافة في الداخل المحتل، وتفيد تقديرات بأن قرابة نصف مليون قطعة سلاح تنتشر بين فلسطيني الداخل، بتخطيط إسرائيلي.

تأجيج الفتنة

وعدَّ عضو اللجنة الشعبية في مدينة اللد بالداخل المحتل، المحامي خالد زبارقة، أن الهدف من نشر هذا السلاح هو تأجيج الفتنة بين أهالي الداخل وما يترتب على ذلك من اندلاع مشاكل تؤدي حتمًا إلى ارتكاب جرائم قتل.

وقد أدت هذه السياسة الإسرائيلية -حسبما أفاد زبارقة لصحيفة "فلسطين"- إلى مقتل 95 مواطنًا في جرائم قتل منذ بداية 2023.

وعدّ أن ما يحدث في الداخل يأتي ضمن مخطط عميق لدى حكومة الاحتلال خاصة بعد هبة الكرامة، إذ لم يرُق لها الحالة الوطنية التي عبّر عنها فلسطينيو الداخل على إثر اندلاع معركة "سيف القدس" بين المقاومة بغزة وجيش الاحتلال.

ونبَّه زبارقة إلى أن جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني "حالة ليست طبيعية، وإنما حالة زرعها الاحتلال داخل هذا المجتمع".

وبيّن أن الاحتلال يسعى من وراء ذلك إلى تحقيق أهداف سياسية أهمها تدمير النسيج الاجتماعي لدى المجتمع الفلسطيني وحرف بوصلته عن القضايا الوطنية الكبرى ومنها القدس والمسجد الأقصى.

وذكر أن عدد ضحايا القتل عام 2021 بلغ 113 قتيلًا، وفي 2022 بلغ عددهم 125 قتيلًا، مبينًا أن عدد ضحايا النصف الأول من 2023 هو الأعلى منذ عقود.

وأضاف: أنه في الـ20 عامًا الممتدة بين 1980 وحتى 2000، وقعت في الداخل الفلسطيني المحتل 85 جريمة قتل فقط.

وأشار إلى أنه بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وانخراط فلسطينيي الداخل فيها وبقوة، قرر الاحتلال في مقابل ذلك تفتيت هذا المجتمع عبر الأسلحة، ونشر فكرة الاقتتال الداخلي، وفي إثر ذلك امتلك العديد من الفلسطينيين السلاح وتشكلت المنظمات الإجرامية المسلحة.

وبيّن زبارقة أن العنف الموجود بين فلسطينيي الداخل متنوع؛ ويشمل النزاعات العائلية ونسبتها ضئيلة جدًا، وكذلك جرائم القتل المنظمة وهي الأكثر انتشارًا وتقف وراءها منظمات إجرامية تحركها مخابرات الاحتلال واستهدافها المباشر للشخصيات الفلسطينية المؤثرة.

وبدا ذلك واضحًا خلال 2023، حيث تمت تصفية عدد من الشبان كان لهم دور مهم وبارز في المجتمع، وخاصة في المسجد الأقصى والرباط فيه.

وتابع زبارقة: أذرع الاحتلال السياسية والأمنية والقضائية تظهر نفسها أنها عاجزة عن كشف رموز الجريمة وحل الإشكاليات القائمة لكنها في حقيقة الأمر تغطي عليهم وتساعد المجرمين على الإفلات من العقوبة والمحاكمات.

أجواء مناسبة

من جهته، قال الناشط في الداخل المحتل، نديم يونس: إن (إسرائيل) أوجدت أجواء مناسبة لجرائم القتل وعمليات إطلاق النار في الداخل المحتل.

وأضاف يونس لصحيفة "فلسطين"، أن حالة من الفقر واليأس تهيمن على فئة واسعة من الشباب في الداخل المحتل، وهذا ما يعرّض شريحة كبيرة منهم لعمليات ابتزاز من منظمات الإجرام في الداخل، مشيرًا إلى أن انخراط هؤلاء في عالم الإجرام سهل جدًا بفعل توفر السلاح وإمكانية شرائه وامتلاكه.

وحذَّر من إمكانية تصاعد الجريمة في الداخل المحتل، عادًّا أن السياسة التي يتبعها الاحتلال تجاه فلسطينيي الداخل ومحاولاته المستمرة لتفتيت هذا المجتمع تتطلب توحيد الحالة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال ومخططاته الرامية إلى تصفية قضيتنا الوطنية وتفتيت مجتمعنا.

ورفض يونس محاولات شرطة الاحتلال تصدير روايتها بأنها عاجزة ولا تمتلك الأدوات اللازمة لملاحقة رموز الجرائم بين صفوف المجتمع الفلسطيني، عادًّا أن ذلك يحفز منظمات الإجرام ويجعلها تستغل هذه الظروف للاستمرار في جرائمها وتوسيع رقعة تجارة السلاح.