بصورة لافتة، قرر جيش الاحتلال تشكيل فرقة تدخّل سريع خاصة لمكافحة عمليات المقاومة المتتالية بالضفة الغربية، وتحصين المنطقة السفلية من آلياته العسكرية التي تنفذ مهامها، خاصة في نابلس وجنين، بعد تسبّب العبوات الناسفة المستخدمة بحدوث أضرار في المركبات القتالية، مع زيادة استخدام العبوات الناسفة مؤخرًا، وتطويرها من قبل المقاومة في الضفة.
يكشف هذا التطور الاسرائيلي عن قلق إسرائيلي من تزايد ظاهرة وضع العبوات الناسفة على طرق الضفة الغربية، لاسيما تلك التي يسلكها المستوطنون، وإمكانية تفجيرها في الدوريات العسكرية الإسرائيلية، وهذا مؤشر على رغبة قوى المقاومة الفلسطينية لإثارة مزيد من التوتر الأمني، وجباية أثمان باهظة من الاحتلال، مما قد يزيد من مستوى التصعيد الميداني.
صحيح أن جيش الاحتلال لم يكشف في الآونة الأخيرة عن تزايد في استخدام هذه العبوات في الضفة الغربية، لكن قراره بتحصين آلياته الحربية يعني أن الرقابة العسكرية قد تكون حظرت أخبارا من هذا النوع كي لا تزيد نقمة المستوطنين على قيادة الجيش، لا سيما في ضوء تزايد انتقاداتهم للجيش بالإهمال في أمنهم، والتفريط بحياتهم، عقب تزايد عمليات المقاومة في الضفة الغربية، وما أسفرت عنه من سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المستوطنين.
كل ذلك قد يشير إلى احتمالية، غير مؤكدة حتى اللحظة، تشير إلى أن بعض هذه العبوات ربما تكون انفجرت في الأسابيع الماضية، وكادت توقع خسائر بشرية في صفوف المستوطنين والجنود، لولا أن معجزة حصلت!
إن قرار جيش الاحتلال بتحصين أسفل آلياته العسكرية في الضفة الغربية يعني أن ظاهرة العبوات الناسفة أدخلت الاحتلال في شرك خطير، وقد تؤدي لتصعيد عسكري؛ لأن تزايد هذه العبوات يطرح السؤال المهم: هل بات الاحتلال أمام شكل جديد من أنشطة المقاومة العسكرية، وهل إن تحصين أسفل الآليات العسكرية سيدفع المقاومة لمرحلة جديدة من العمل تتمثل بزيادة حجم الاحتكاك مع جيش الاحتلال.
لا يبدو حتى اللحظة أن الاحتلال يمتلك معلومات دقيقة حول وقوف أي من المنظمات الفلسطينية خلف هذه العبوات، التي تعمل على تسخين الأجواء معه، ولذلك فهو يتريث قبل توجيه إصبع الاتهام لأي منها بالمسؤولية عن وضع هذه العبوات الناسفة، الآن ومستقبلًا، مع التأكيد على أن الضفة الغربية باتت مليئة بالأسلحة والوسائل القتالية، وليس صعبًا إعداد ووضع عبوات ناسفة على طول الطرق التي يسلكها المستوطنون وجنود الاحتلال.