انتهت زيارة وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي، ووفد الجهاد الإسلامي برئاسة زياد النخالة الأمين العام للحركة، للقاهرة بعد عقد لقاءات مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل. ومن المعلوم أن ملف الفصائل الفلسطينية وغزة بيد المخابرات العامة وليس بيد الخارجية المصرية.
انتهت الزيارة ولم تصدر عن أطراف اللقاء تصريحات محددة تشرح مواضيع النقاش، وأهداف الزيارة واللقاءات. مصر لم تقل شيئا عن اللقاءات التي حدثت، وقادة الفصائل شكروا مصر على دورها الإيجابي، ولم يقولوا شيئا عمّا دار في المحادثات، أو على أي شيء اتفقوا، وعند أي شيء اختلفوا، ولا تكاد تجد في الصحف المصرية، والفلسطينية تحليلا لهذه الزيارة، التي جاءت بطلب من جهاز المخابرات المصرية.
الطرف الوحيد الذي تناول الزيارة وموضوعاتها بشكل مقتضب هو الإعلام العبري، فقد ذكر أن الطرف المصري ناقش مع الفصائل فكرة هدنة لمدة عشر سنوات، وناقش العلاقة بين حماس والجهاد، وناقش دور محمد دحلان وتيار الإصلاح في غزة، وزعم أن مصر تبحث عن دور لدحلان بغطاء من الإمارات، واستبعد فكرة مناقشة حكومة وحدة فلسطينية.
الطرف الفلسطيني لم يقل شيئا عن موضوعات النقاش، ولم يعقب على ما قالته المصادر العبرية، وما يمكن قوله بدقة إن المعنى في بطن الشاعر، ومع ذلك يمكن القول إن فكرة الهدنة عشر سنوات ليست مطروحة، لأن للهدنة في مفهوم الفصائل أركانًا وشروطًا ومستلزمات، والبيئة القائمة غير مواتية للهدنة بهذه المدة الزمنية، فأطرافها لمْ يعلنوا عن قبولها من حيث المبدأ، ولم يقاربوا شروطها ومستلزماتها، وإن ما هو قائم الآن بين غزة وتل أبيب ليس هدنة، بل تهدئة، أي وقف إطلاق نار دون زمن محدد، أو قواعد عمل ثابتة، أو آليات معالجة الخروقات.
الهدنة غير التهدئة، وإذا كان المقصود هو عشر سنوات تهدئة، فالإعلام العبري يصطاد في الماء العكر كما يقولون، فالفصائل لا تقبل بمثل هذا، وهي أيضا لا تملك تفويضا من الشعب، أما الهدنة بشروطها ومستلزماتها فهي التي تتضمن مدة زمنية محددة، وشروطًا محددة، وهي فكرة لا تقاربها الأطراف حاليًا لأسباب مختلفة، تخص كل طرف، وتتعلق بإستراتيجيته العامة.