فلسطين أون لاين

أسئلة عملية العوجا تطرح معضلات ولا تقدم إجابات

لا زالت عملية العوجا تضرب بأطنابها في عصب الاحتلال، على المستويين الأمني والعسكري، خشية من أن تلقي بظلالها السلبية، وأن تؤثر بصورة تضرّ وتربك العلاقات الثنائية والتعاون الأمني ​​بين القاهرة وتل أبيب، انطلاقًا من الفرضية الإسرائيلية القائلة بأنه يجب التعامل مع الهجوم بأنه حدث غير عادي، قد يترك تبعاته على عمق علاقاتهما، لكن ذلك لا يلغي ضرورة أن يجيب جيش الاحتلال عن عدد من الأسئلة الصعبة.

وفي الوقت الذي أصيب فيه الاحتلال بصدمة كبيرة من جراء سقوط ثلاثة من جنوده صرعى بنيران جندي مصري واحد، بانتظار معرفة ما حصل بالضبط، فإنه وقع في حالة من الارتباك الذي لم يعرفه خلال السنوات الأخيرة، باعتبار أن مصر هي العنوان الأول للتعامل مع أي أزمة يواجهها الاحتلال في غزة، وهنا مكمن الدهشة والذهول الإسرائيليين، لأنه لم يتوقع أن تأتيه الضربة التالية من الحدود الأكثر هدوءًا نسبيًّا أمام سواها من الحدود المشتعلة المتوترة.

ما من شك أن الإسرائيليين يتعاملون مع هجوم استثنائي، قد لا يتفق مع عمق التعاون الأمني ​​السائد مع القاهرة، إذ يصلها مسؤولون إسرائيليون كبار، وسياسيون وأمنيون، في رحلات خاصة في المتوسط ​​مرة واحدة في الأسبوع، لمناقشة العديد من المسائل، جلّها عن الوضع الفلسطيني، مع الرغبة الإسرائيلية بالحفاظ على الخط الدافئ مع القاهرة، وقد تساعدا في التعامل مع المشكلات الأمنية التي شهدتها سيناء.

لقد مثّل هجوم العوجا مصدر انتكاسة أمنية إسرائيلية على كل الأصعدة، ولا سيما بعد سماح الاحتلال بفتح اتفاقية السلام مؤقتًا مع مصر، وسماحه بتعزيز القوات العسكرية الكبيرة في سيناء، بما في ذلك الطائرات والمروحيات، كما هاجم الاحتلال أهدافًا مسلحة في سيناء مئات المرات، بموافقة مباشرة من القاهرة. 

لكن هذه التحركات، وما سبقها من إقامة الجدار الأمني الضخم المقام على طول الحدود، لم تنجح كلها بمنع وقوع عملية العوجا، ولذلك فقد توقفت الأوساط الأمنية الإسرائيلية مطولًا عندما أسمته تزايد الجرأة التي امتاز بها الجندي المصري خلال تنفيذ عمليته، والحنكة التي اتسم بها سلوكه طوال ساعات التنفيذ.

صحيح أن هناك توافقًا مصريًّا إسرائيليًّا على أن عملية العوجا لن تؤثر كثيرًا على المستوى الإستراتيجي، ولاعتبارات تخص الجانبين، لكن ذلك لا يلغي جدّية وخطورة الأسئلة المحددة التي يتعين على جيش الاحتلال الإجابة عنها بسبب هذا الهجوم، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر: كيف نفذ الجندي عمليته؟ وكيف تمكن من عبور السياج دون أن يلاحظه أحد؟ وهي أسئلة تطرح معضلات على الجيش، بدلًا من أن تقدم له إجابات.