فلسطين أون لاين

تقرير مخلفات الأقمشة.. من الهدر إلى إعادة التدوير بأيدي نسائية

...
مخلفات الأقمشة.. من الهدر إلى إعادة التدوير بأيدي نسائية 
غزة/ مريم الشوبكي:

تجلس إيناس الغول برفقة مجموعة من السيدات بين كومة من قصاصات القماش الهالكة لفرز كل نوع على حدة، إيذانًا بإعادة تدويرها وتحويلها لملابس، وحقائب، وفساتين وسجاد أيضًا.

تجمع الغول من خان يونس جنوب قطاع غزة مخلفات القماش من مصانع النسيج في قطاع غزة، ومحلات الخياطة، ولم تتوقف عند ذلك بل تجمع أيضًا المخلفات الإسفنجية من مصانع الإسفنج، وزوائد الحديد، وخشب "المشاطيح" أيضًا، وبعض الأقمشة الجلدية لتعيد تصنيعها.

مخلفات مهدرة

تولدت فكرة إنشاء مشروع "إبرة وسنارة" لإعادة تدوير الأقمشة، حين لاحظت الغول الفاقد الكبير لزوائد الأقمشة التي تأول إلى مكب النفايات وتهدر دون تحقيق أي استفادة منها، لتقرر تحويلها إلى منتجات متعددة باتت تشكل مصدر دخل لعديد الأسر.

ولتضفي لمشروعها صبغة قانونية حصلت الغول على ترخيص من وزارة الاقتصاد، ومن ثم أخضعت سبع سيدات ماهرات في الخياطة لدورة مدتها ستة أشهر لكي يتقنَ إعادة تدوير الأقمشة، وفق قولها لـ"فلسطين".

وتضيف الغول: "لإنجاح مشروعي كان لا بد من الاتفاق مع مصانع أقمشة، ونسيج، ومحلات خياطة، وإسفنج، وجلود، والتي أحصل من خلالها على كمية كبيرة من الزوائد التي لا تصلح لشيء من منظور العاملين في هذا القطاع وبالتالي يتخلصون منها في حاويات القمامة".

وتلفت إلى أن المشروع هو الأول من نوعه الذي يقوم على إعادة تدوير مخلفات الأقمشة، مبينة أن أصحاب محلات الخياطة كانون يستغربون طلبها الحصول على زوائد الإنتاج الهالكة، "ولكنهم تفاجؤوا بجمال المنتجات التي صنعتها السيدات".

مراحل التصنيع

وعن مراحل تصنيع المنتجات المختلفة، تبين الغول أنها تبدأ بفرز ما حصلوا عليه تبعًا لنوعية النسيج والخامات: صيفية، وشتوية، وخشنة، ناعمة، قطيف، وثم تفرز تبعًا لطبيعة المنتجات المراد تصنيعها، وبعد ذلك تمر الأقمشة في عملية غسيل وتجفيف.

وتوضح أنهم يتشاورون في التصاميم، وبعد الإجماع عليها تُنفذ، إذ تبدأ عملية رسم "البرترون" ثم قص الأقمشة لحياكتها، وبعد الانتهاء تقوم بعض السيدات بتنظيفها المنتجات من زوائد الخيوط، وتجميل الشكل النهائي لها.

وتلفت الغول إلى أن السيدات صنعن 12 منتج حتى الآن، تتنوع ما بين ملابس الأطفال، والكبار، والوسائد، وبيوت القطط، والسجاد، ومفارش الطاولة، والمحافظ، والحقائب بأشكال، وأحجام مختلفة، وإدخال الجلود، والتطريز عليها، كما تم تصنيع صوفات، وبعض الأثاث.

ولكي تسوق السيدات منتجاتهم، تشارك الغول في المعارض المحلية، وتلفت إلى أنها لاقت رواجًا كبيرًا وتشجيعًا على الاستمرار في تصنيع المزيد من المنتجات الجديدة، "وهذا لم يكن سهلًا لأن الناس لم تتقبل في البداية فكرة شراء منتجات صُنعت من مخلفات".

وتشير إلى أن أسعار منتجاتها من مخلفات الأقمشة أقل من نظيرتها في السوق المحلي، بالرغم من أنها تماثلها في الجودة، "وذلك ما نجد لأنفسنا مساحة فيه للمنافسة وتشجيع الناس على الشراء".

وتطمح الغول بتوسع "إبرة وسنارة" ليضم فريق العمل عددًا كبيرًا من السيدات في المناطق الحدودية، والمهمشة في قطاع غزة، وتحسين أوضاعهن المعيشية، وليصبحن نواة ليعلمن نساء أخريات في مناطقهن.

وتسعى الغول إلى تصدير منتجاتها خارج القطاع، إذ عملت على إخراج عينة من بعض منتجاتها لشركات معنية بها.

فرصة عمل

ولإضفاء اللمسة الفلسطينية في منتجات "إبرة وسنارة" تقوم نهلة عودة وهي إحدى الخياطات في المشروع، بإدخال قطع التطريز الفلاحي الزائدة على بعض المنتجات، وتساعدها أخرى في إدخال التطريز بيدها على القطعة ومن ثم تقوم بحياكتها.

وتقول عودة لـ"فلسطين": "المشروع وفر لي فرصة عمل، ولا سيما أنني لدي مهارة في الخياطة، ولكني لا أعمل لعدم توفر ماكينة خياطة في بيتي، كما إن أشغل وقتي بما هو منتج، ومفيد، وجعلني أبني شبكة تواصل مع زميلاتي في العمل".

وتضيف: "كما أنني أقوم بالتطريز على بعض القطع التي تتطلب مني، ومن ثم أقوم بقسها وحياكتها لنصل إلى التصميم النهائي".

وتلفت إلى أن التطريز الفلاحي تم إدخاله في صناعة الحقائب، والمحافظ، والوسائد، والمفارش، والملابس، والسجاد.

وتأمل عودة بأن يلقى المشروع رواجًا أكبر من أجل تمكينها من الحصول على فرصة عمل دائمة، واستيعاب عدد جديد من النسوة التي يعانين ظروفًا ماديةً صعبةً.