حلم المشروع الخاص ظلّ مرافقًا للصحفية وفاء عاروري منذ صغرها، ورغم أنها التحقت بوظيفة في مجال دراستها لكنّ عشقها للأشغال اليدوية وصل بها إلى مشروع مميز وهو صناعة إكسسوارات من مادة "الريزن" التي لا يتقنها سوى قلائل.
تعمل وفاء (30 عامًا) في مجال الصحافة منذ تسع سنوات ولكنّ نقطة التحول في حياتها كانت عند ولادة طفلتها "جولان" ودخولها في إجازة أمومة لمدة سبعين يومًا قبل قرابة العام والنصف. كانت تلك الإجازة أول إجازة طويلة في حياتها العملية، "ومثّلت لي فرصة جيدة للتفكير بمشروع خاص فخلال مسيرتي الصحفية غطيت عشرات القصص لرياديات مبدعات في مجالات متعددة، فكان لديّ يقين بأني سأجد مجالًا أبدع فيه وأحبه".
شغفت وفاء منذ صغرها بتصميم المشغولات اليدوية والأزهار لقاعات الأفراح، كما تخبر، "فأنا أحب تنسيق الألوان والتصاميم لكنني لم أحدد المشروع الذي يمكن أن أُنفّذه، حتى أهدتني إحدى المهنئات بطفلتها طقم إكسسوار مصنوع من الخرز فأُعجبت كثيرًا، ثم بدأت أتعلم عبر الإنترنت كيفية صناعة هذه المشغولات وظللتُ على هذا الحال لمدة خمسة أشهر".
بحث عن التميز
وعلى الرغم من ذلك لم تجد وفاء نفسها فيما أنجزته، إذ أرادت شيئًا جديدًا يُعبّر عنها، حتى قادتها الصدفة إلى دورة تدريبية عن استخدامات مادة "الريزن"، فتعلمتْ أساسيات صناعته ثم أصبح المجال أمامها متاحًا للإبداع وتشكيل المواد والأشكال بالطريقة التي تريدها، "فاستخدمت ورودًا طبيعية وحجارة من الكريستال داخل القطع التي صنعتها".
وتلْفت إلى أنّ العمل في "الريزن" مُكلّف جدًّا وخسائره كبيرة لأنّ المواد الخام غالية الثمن في الضفة، وتشكيل خليط المواد يحتاج إلى حسابات دقيقة.
وتحمل القطع التي تنتجها وفاء طابعًا عربيًّا وإسلاميًّا حيث تضيف أبياتًا من الشعر وأدعية وآيات قرآنية على القطع التي تصنعها، مشيرةً إلى أنّ هذه الصناعة قائمة على عبارات باللغة الإنجليزية "فميّزتُ قطعي بلغتنا العربية الجميلة التي تُعبّر عن هويتنا".
وتقول وفاء إنها تعلمت كثيرًا من الأخطاء التي وقعت فيها حتى أصبحت مُتقنة لأعمال "الريزن"، وخصصت غرفة بالمنزل للمشروع تقضي فيها قرابة ساعتين يوميًّا لإنجاز طلبات الزبائن وأحيانًا لتنفيذ وتجربة أفكار جديدة.
ويتم تشكيل "الريزن" بطريقتين هما: "الصب الحُر" على قطعة خشب أو أيّ مادة أخرى يُراد تزيينها أو وضعه بقوالب السيليكون، فهو مادة كيماوية صلبة تتكون من سائلين الأول مادة الريزن، والأخرى "مُصلِّب" يتم خلطهما بنسب تلائم الكمية وبعد أن يجفّا يصبحان قطعة صلبة غير قابلة للكسر.
وأهم المشاكل التي تُواجه وفاء ارتفاع أسعار المواد الخام ما يضطرها أحيانًا إلى شراء بعض المواد الخام من الخارج، "فأقل سعر لكيلو الريزن 75 شيقلًا وقد يصل إلى 160 شيقلًا، كما أنّ المواد الثانية الداخلة في التصنيع مرتفعة الثمن ما يرفع ثمن القطعة النهائية عند البيع للزبون".
احترافية وإبداع
وتلفت إلى أنّ الريزن من أكثر الأشغال اليدوية التي تحتاج إلى دقة وإبداع واحترافية في العمل، عازية ذلك لكون أيّ خطأ صغير في النسب المئوية للمواد المستخدمة يتسبب بمشاكل كبيرة كما أنه يستغرق فترة طويلة في الشتاء لكي تصبح القطعة جاهزة حيث يحتاج إلى قرابة عشرة أيام ليجف، أما في فصل الصيف تكون القطعة جاهزة خلال ثلاثة أيام.
وتُسوّق وفاء منتجاتها عبر المعارض المحلية ويساعدها في ذلك أشقاؤها الذين يستقبلون الجمهور ويُعرّفونه على المشروع ومادة الريزن، كما تُسوّق منتوجاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتطمح الأم الشابة لأن تصل إلى مرحلة صنع أثاث بيتي كالطاولات تدمج فيها خشب الزيتون مع الريزن والورد الطبيعي والكريستال، "أريد توسعة مشروعي وأن يعمل معي عمال آخرون خاصة من طلاب وطالبات الجامعات وأن أفتتح مشغلًا للأشغال اليدوية التي أتقنها كالريزن والخرز والشمع (خاصة شمع الجل والنحل والبرافين)، وهو ما أعمل عليه حاليًّا، وأن أستمر بالمواءمة بين عملي الصحفي المتعب أساسًا ومشروعي الصغير".