"كل فلسطيني مع إجراء الانتخابات العامة"؛ هذا هو ترحيب مبدئي يبديه مواطنون عند سؤالهم عن إمكانية حدوث هذه الانتخابات، وموقفهم منها، لكن إجابات عدد منهم كان يشوبها الحذر.
ويطالب البعض، في إجاباتهم عن أسئلة صحيفة "فلسطين" بشأن الانتخابات العامة لرئاسة السلطة والمجلسين التشريعي والوطني، بضمانات "لاحترام نتائج الانتخابات".
ويرى الثلاثيني فايز غبن، من قطاع غزة، أن من المهم إجراء الانتخابات العامة كونها "تعد أحد المكونات الرئيسة لنظام الديمقراطية النيابية أو التمثيلية أو الرئاسية".
ويقول غبن: "إن الانتخابات في النظام الديمقراطي تعد ركنا أساسي وجوهريا لقيام النظام سواء الرئاسي أو البرلماني فكلاهما يأخذ مصدر شرعيته وقوته من الإرادة الشعبية التي يجري التعبير عنها في الانتخابات فلا يمكن تصور نظام ديمقراطي دون وجود انتخابات محلية تشريعية ورئاسية أو حتى البلدية التي تعبر عن الإرادة العامة للناخب وتمنح النظام السياسي الشرعية القانونية للقيام بأعماله".
وفي فلسطين –والكلام لا يزال لغبن- من المهم أن تجرى انتخابات عامة لاسيما بعد سنوات من الانقسام الفلسطيني، معتبرا أن "الحالة الجدلية في فلسطين لا يمكن إنهاؤها إلا بإجراء الانتخابات العامة".
وعما إذا كانت هذه الانتخابات ستجرى قريبا أم لا من وجهة نظره، يقول إنه "طالما قبلت الفصائل الفلسطينية الدخول في مجال السياسة والديمقراطية فمن المؤكد أن يكون هناك استحقاق اجراء انتخابات دورية".
ويتابع: "لكن في الحالة الفلسطينية الطارئة وخاصة في هذه الفترة, احتمال إجراء انتخابات عامة قبل تحقيق المصالحة الفلسطينية وبشكل حقيقي يشكل مصدر قلق للجميع وأنّها ستبوء بالفشل من وجهة نظري أو أنّها لن تكون شفافة، لذلك اجراء الانتخابات يحتاج الى توافق بين الأطراف السياسية وضمانات محلية وعربية وتمهيد حقيقي لإجرائها والقبول بالنتائج التي سوف تترتب عليها".
لكن الطالبة الغزية لينا شاهين تعتقد أن "إجراء انتخابات عامة سيغير الكثير من الأوضاع الداخلية، ومن المحتمل أن تتغير بعض الأحوال الاجتماعية والسياسية".
وتتوقع أن تجرى الانتخابات العامة "عما قريب، مع التطورات التي نشهدها في فلسطين وإجراء المصالحة".
ويبدي الطالب يوسف زقوت رغبته بإجراء الانتخابات العامة، معتبرا أن ذلك سيغير الأوضاع الحياتية الفلسطينية "180 درجة"؛ وفق تعبيره.
ويعبر عن أمله، في أن يفرز إجراء الانتخابات العامة حكومة فلسطينية تحل مشكلات الكهرباء والمعابر والبطالة، وغير ذلك.
ويوضح الغزي محمود صوان، من جهته أن الانتخابات العامة "حق للشعب الفلسطيني لاختيار من يمثل فلسطين في الرئاسة والمجلس التشريعي في كل دورة انتخابية، وأن يكون للشعب الكلمة واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب نظرا للظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني".
ويأمل صوان، أن تتحقق المصالحة وأن يتوحد الشعب الفلسطيني "تحت راية واحدة هي راية فلسطين"، مضيفا: "لابد أن تتوحد الجهود".
كما يدعو إلى إجراء الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة إبراز دور الشباب وإشراكهم في الحياة السياسية الفلسطينية، "فهم عماد الأمة وتطور وتقدم الأمم يكون من خلال مجلس موحد مكون من الخبرات وأيضا إشراك الشباب".
"اعتقالات الضفة"
محمد طالب ماجستير في إحدى جامعات الضفة الغربية المحتلة، فضَّل عدم الكشف عن اسمه كاملاً، يقول: "بعد الذي رأيناه في الفترة الماضية لست مع إجراء الانتخابات"، وبسؤاله عن مقصده يشير إلى تزايد في الاعتقالات السياسية بالضفة منذ أيام؛ وفق إفادته.
ومن أسباب ما يصفه "بعدم تشجعه" لإجراء انتخابات عامة، هو "أنه دوما كلما يحصل اتفاق مصالحة يفشل"؛ وفق قوله.
ويضيف لصحيفة "فلسطين": "ما الذي يضمن ألا يحدث كما حصل حينما فازت حركة المقاومة الإسلامية حماس في 2006؟ عندما لم يتم احترام هذه النتائج".
وكانت حماس اكتسحت نتائج الانتخابات التشريعية في 2006م، بحصولها على 76 مقعدا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة 132.
ويعتبر محمد، وهو خريج جامعة بيرزيت، أن أهم ما يجب حدوثه قبل الحديث عن إجراء انتخابات عامة، هو "وقف الاعتقالات السياسية في الضفة"، قائلا: "بعد حصول اتفاق في القاهرة جرى اعتقال أربعة مواطنين سياسيا في الضفة. هذا ليس مؤشرا جيدا".
ويعرب عن ثقته بأنه لو جرت الانتخابات العامة في ظروف نزيهة وشفافة وبعيدا عن الملاحقة السياسية، فإن من سيفوز فيها هو حركة حماس.
مواطن من نابلس فضل أيضا عدم كشف اسمه، يقول إنه "كأي شاب فلسطيني" مع الانتخابات العامة، "شرط أن تكون نزيهة".
ويضيف أنه عند إجراء انتخابات بلدية في الضفة الغربية وحدها يتسم الإقبال الشعبي على المشاركة فيها بالضعف لأن معظم المواطنين لا يريدون أن يرسخوا الانقسام.
ويطالب بإجراء انتخابات عامة في الضفة بما فيها القدس إضافة إلى قطاع غزة.
وعن الضامن الذي يراه مناسبا لنزاهة الانتخابات، يقول: "يتم التعويل على لجنة الانتخابات المركزية الراعية لهذا الأمر". لكنه أيضًا يبدي تخوفه من عدم احترام أطراف في السلطة نتائج الانتخابات العامة إذا فازت فيها حماس، قائلا: "هذا هو الواقع، هناك أطراف غير معنية بنجاح التيار الإسلامي أو بوصوله للمراكز السياسية، ويريدون عرقلة المسيرة الانتخابية حتى لو بعد حين".
وبشأن المجلس الوطني، يشدد على ضرورة تشكيل مجلس جديد بالانتخاب، متمما بأن إجراء انتخابات دون "الوطني" سينتج عنه "مشكلة".
وتسود الساحة الفلسطينية حاليا أجواء إيجابية حذرة إزاء إمكانية تحقيق مصالحة وطنية قد تؤدي لإجراء انتخابات عامة.
ويشار إلى أن حماس أعلنت الأحد الماضي في بيان لها، حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، "استجابة للجهود المصرية الكريمة، بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية والتي جاءت تعبيرا عن الحرص المصري على تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام".