قال المفكر السياسي المصري د.مصطفى الفقي: إن مد "جسور الثقة" بين مصر وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" مهم من أجل الطرفين، مشيرًا إلى أن القاهرة تدرك بأن "الدخول بحوارات نهائية حول القضية الفلسطينية يجب أن يكون والفلسطينيون متحدو الكلمة ولديهم فهم دقيق للمستقبل".
وأكد أن التعاون الأمني بين السلطات المصرية وغزة سيكون له "مردود إيجابي" على العلاقة في مجالات أخرى.
وأوضح الفقي، الذي يشغل حاليًا رئيس مكتبة الإسكندرية، في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن المباحثات الأخيرة وتجاوب "حماس" مع القاهرة لا يترك أي عذر لحكومة رامي الحمد الله لاستلام مهامها وإدارة قطاع غزة، معربًا عن أمله أن يتجاوب رئيس السلطة محمود عباس مع ذلك.
ونوه إلى أن "علاقة رئيس عباس بمصر ستتأثر إن رد سلبًا على جهود المصالحة"، مؤكدًا أن مصر تتخذ مواقف متعادلة، وتقف مع الشعب الفلسطيني ككل ولا تنحاز مع طرف فلسطيني على حساب آخر.
وإذا ما كانت الأمور مقبلة على مرحلة انفتاح بين غزة ومصر، ذكر فقي أن ذلك "يتوقف على الجانب الأمني، باعتبار أن مصر دولة كبيرة ويبلغ تعداد سكانها 100 مليون نسمة ولا يمكن أن تكون حدودها مهددة، وعليها أن تفعل كل ما تستطيع لحماية الحدود".
وأضاف: "مصر ترى بأن حماس تستطيع لعب دور إيجابي في حماية الحدود، لذلك سعت مصر لدعوة قيادات من حماس لزيارتها (...) عندما شعرت حماس أن مصر ليس لديها أجندة خاصة بالصراع الفلسطيني الفلسطيني، بُنيت جسور الثقة".
وأشار سفير مصر السابق بعدد من الدول الأوروبية، إلى أن مصر تراعي الانفتاح الاقتصادي مع غزة، وتدرك أنها البوابة في ظل الحصار المفروض على القطاع، وتسعى لذلك بما لا يخل بأمنها.
وزاد: "مصر حريصة دائما على أن يكون دورها في الشأن الفلسطيني إيجابيًا، فهي صاحبة مصلحة حقيقية باعتبارها دولة جوار في وحدة القرار الفلسطيني بين فتح وحماس، وسعت لذلك منذ عدة سنوات وحتى الآن".
وفي السياق، تابع الفقي: "مصر دولة كبيرة وتقع على الحدود الفلسطينية، وتستطيع أن تكون ضامنًا لاتفاق المصالحة الفلسطينية إن جرى، وتضع كل إمكاناتها لخدمة الاتفاق لصالح الفلسطينيين، ويمكن أن تؤدي دور الوساطة، أو أن تكون طرفًا لأن القضية الفلسطينية قضية مصرية".
ولفت إلى أن الجهد الذي بذلته القاهرة منذ عدة سنوات بدأ يتكلل بشيء من النجاح في إشارة منه للمباحثات الأخيرة التي جرت بين مصر وحركتي فتح وحماس.
وقال: "مصر ترى أن السلطة الفلسطينية لا يجب أن تدخل بحوارات نهائية حول القضية الفلسطينية إلا وهم متحدو الكلمة ولديهم رؤية واضحة وفهم دقيق للمستقبل، وهذا ما تسعى إليه مصر وليس لديها أي هدف آخر".
وتطرق رئيس مكتبة الإسكندرية إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورغم أن له توجهات متشددة حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغم أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وصف خطابه أمام الجمعية العامة للأم المتحدة قبل يومين بأنه "أشجع خطاب لرئيس أمريكي"، إلا أن هذا المتشدد "طريق الحل، ويحسم الأمور".
وقال: "على الفلسطينيين انتهاز الفرصة إذا فتحت بارقة أمل لهم بشرط الحفاظ على الثوابت، ومصر كذلك لا تفرط بالثوابت الفلسطينية ولا تتلاعب بها"، حسب قوله.
وكانت حركة حماس أعلنت، الأحد الماضي، عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وذلك عقب جلسات حوار قادتها مصر مع قيادات من حركتي فتح وحماس في العاصمة القاهرة.
وقوبلت خطوة حماس بترحيب دولي ودعوات إلى السلطة الفلسطينية لأخذ دورها بإيفاد الحكومة إلى القطاع، حيث أعلن عباس خلال خطابه الأخير بالأمم المتحدة أن وفدًا حكوميًا سيتوجه إلى قطاع غزة خلال أيام.