في عام 2016 وقعت محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مجموعة ضباط في الجيش التركي، ففشل الانقلاب نتيجة خروج الشعب التركي بكل أطيافه لحماية تركيا ومصالحها ومستقبلها، وقد وقفت غالبية أحزاب المعارضة ضد الانقلاب، منهم من كانت دوافعه صادقة ومنهم من أراد حماية نفسه وتسجيل موقف أمام الشعب التركي الذي توحد ضد تدمير تركيا.
تركيا بعد سقوط الخلافة الإسلامية لم تعرف الاستقرار والهدوء والنمو الاقتصادي الذي قل نظيره إلا في عهد الرئيس أردوغان، من يؤيد أردوغان ومن يعارضه يدرك تلك الحقيقة، ولأن الشعب التركي تسود لديه ثقافة تقديم تركيا ومصالحها العليا على المصالح الحزبية والفصائلية هب لحماية النظام القائم في تركيا، ولذلك نجت تركيا من الانقلاب والدمار وأمس احتكم الأتراك إلى صندوق الاقتراع لاختيار الرئيس في الجولة الثانية، وقد جدد الشعب التركي العهد للرئيس أردوغان، بعد انتصار الشعب التركي في إنجاح عملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية وحماية الديمقراطية.
الدكتاتوريات لا تعمر والظلم لا يدوم، ولكن هناك فرق شاسع بين شعب يملك ثقافة الأتراك ويفوت الفرصة على المخربين والمتآمرين، وبين شعب لا يفطن للكارثة التي حلت به إلا بعد فوات الأوان، إذ إن خط الدفاع الأخير الذي يحرك الشعوب هو وصولهم إلى الدرك الأسفل من العوز والجوع والضيق، حينها تتحرك الجماهير لاستعادة لقمة عيشها وإنقاذ نفسها من الهلاك المحتم، وهذه الثورة ستشهدها مناطق عربية في أشهر أو سنوات قليلة لا محالة، طبعًا ما بين ثورة الشعوب المثقفة وثورة الجياع هناك أنواع متعددة من الثورات، منها ثورة مجموعات الأحرار الذين يثورون ضد دكتاتوريات تحكم شعوبًا نائمة لم يفتك بها الجوع بعد، وقد تنجح ثورتهم في إزالة الأنظمة الظالمة وقد تفشل ويدفعون ثمن ثورتهم، ولكن المحاولات لا تتوقف لأن سنة الحياة تقتضي ألا يعمر ظالم في الحكم وأن يسود العدل ولو بعد حين.