فلسطين أون لاين

وليد دقة ماذا نحن فاعلون؟

الحديث عن مدفن الأحياء مرارًا وتكرارًا لم يعد سوى اجترار الألم والمأساة على أسوأ الصور الممكنة، وكأنه أصبح تضامنا شكليًّا لا يسمن ولا يغني من جوع، يجب أن ينصبّ الحديث وفقط حول: ماذا نحن فاعلون؟

إن لم يكن للكلمة فعل الرصاصة فلا داعي لها خاصة، ونحن أمام رجل أصبح اليوم وقد نزف كثيرًا ولم يتبقَ سوى رمق حياة.

وليد دقة اليوم قد ملَّ دقّ جدران خزانه، ولم يعد يقوى على المزيد من هذا الدق.

دقَّ بأدبه وفكره من سنوات طوال، ما لو أسمعت حيًّا ليحرك فعل الواجب والسعي سعيًا جادّا لتحريره وتحرير الاسرى المرضى قبل فوات الأوان.

دقَّ بلحمه ودمه الذي يفقد كلّ يوم جزءًا منه ما يزلزل ضمائرنا ويوقظ قلوبنا من رقدتها أو قل من موتها.

دق بسنوات حبسته المديدة ما ضج به حديد وجدران السجن كثيرًا فزاد من الإطباق عليه.

دق بما حرر من نطفة أصبحت إنسانًا يخلخل كل ما فينا من روح ومشاعر فأصبحت تنادي أباها وتنتظر دفأ حضنه وقلبه المتلوّع والمحترق شوقًا للحظة لقاء.

دقّ بما أرسل من رسائل وبما حرّك من وسائل إعلامية ما ينفطر له الفؤاد وينشق له الصدر.

نعود للسؤال المركزي؟ ماذا نحن فاعلون؟ وما هو المطلوب الفوري والسريع؟  

أعتقد أن شخصية بهذا الحال وبما تملك من تاريخ نضالي فذّ هي فرصة لتحريك الشارع الفلسطيني، وإظهار الواجب الوطني والديني والأخلاقي على أصوله، هذه فرصة ليخرج لنا الشارع بأفضل ما يجود به من أجل رفع هذا الظلم المقيت، يجب أن لا تضيع الفرصة كما ضاعت من قبل مع خضر عدنان، وناصر أبو حميد والقائمة طويلة، وأقول عنها فرصة لأن تحريك الشارع على قضية بهذا الحجم ممكن ولكنها تحتاج الى أن تضع الفصائل ثقلها، وأن تتخذ القرار المناسب، فهل هذا يحظى بأولوية لدى الفصائل، مثلًا شاهدنا حجم الحضور في انتخابات جامعة بيرزيت لأن هناك لدى الفصائل إرادة تتحرّك في هذا الميدان، وهذا ليس عيبًا بالمناسبة ولكن لمَ لا يكون القرار أيضًا هنا واغتنام هذه الفرصة لإخراج الشارع، المطلوب كي يفعل فعله ويُري أعداءنا قيمة رجالنا، وقيمة حريتهم التي لا يساويها شيء.  

ما تفعله هذه العصابة المجرمة التي رفعت من سقف إجرامها يتطلَّب منا أن نرفع سقف تحدياتنا وأن نضغط بكلّ ما لدينا من قوة لنرغم الاحتلال على الإفراج عن وليد بالرغم من أنفه.

ومما بات معلومًا بحكم التجربة الطويلة أن هذا الاحتلال لا يحركه شيء سوى الضغط الذي يعرّض مصالحه للضرر، وهذا فقط هو الذي يجعله يعيد حساباته.