الإعلان عن افتتاح قاعدة أمريكية في النقب المحتل على لسان نتنياهو وقائد قوة الدفاع الصاروخي الجنرال « تزفيكا هميوفيتز « ترافق مع انعقاد جلسات الجمعية العمومية في الأمم المتحدة التي يراهن عليها في الإقليم لإحقاق السلام وإخضاع الدول المارقة لقرارات الأمم المتحدة؛ وعلى رأسها القرارات الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين وانسحاب قوات الاحتلال من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووقف النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية وعدم مشروعيتها.
الاعلان يمثل خيبة امل كبيرة وضربة جديدة توجهها الادارة الامريكية للسلام والاستقرار الاقليمي في محاولة بشكل يخل بالتوازن الاقليمي وبمعادلة الردع التي تشكلت اثر ثلاث حروب ضروس خاضها الفلسطينيون للدفاع عن انفسهم من بطش الكيان الصهيوني في قطاع غزة، والتي زادها سوءا تصريحات السفير الامريكي لدى الكيان السفير ديفيد فريدمان الذي لم يتوقف عن التهكم على قرار الامم المتحدة المتعلق بإدانة الاستيطان والدعوة الى تفكيكيه من الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67.
غرائب الولايات المتحدة لا تعرف التوقف ففي الوقت الذي كان رئيسها ترمب يلقي خطابا ناريا يهدد فيه كوريا الشمالية بالسحق والمحق، اعلنت البحرية الامريكية والبنتاغون في وقت سابق عن سحب اسطولها السابع من المحيط الهادي وجنوب شرق اسيا وتجمد نشاطه بالقرب من شبه الجزيرة الكورية؛ بل انها لم تعلن عن انشاء اي قاعدة عسكرية جديدة لردع كوريا الشمالية التي امتلكت قدرات صاروخية ونووية جبارة ارعبت فيها جيرانها في حين اعطيت الأولوية لتدعيم امن الكيان الاسرائيلي ويمينه المتطرف مفقدا الفلسطينيين شعورهم بالأمن في مواجهة التطرف الصهيوني المتنامي.
البحث عن السلام لا يكون بإجبار الضعفاء على الخضوع للأقوياء إنما بإنصافهم والدفاع عن حقوقهم عكس ما يراه كل من يراقب السلوك الامريكي؛ فالاستقواء لا يكون الا على الضعفاء بشكل يقود لسيادة شريعة الغاب والتطرف؛ انها رسالة سلبية لن توقف مسار التطرف والراديكالية التي تتجلى صورها بتنامي قوة اليمين الصهيوني الذي اصبح اكبر تهديد للأمن في المنطقة العربية واقليم غرب اسيا.
كان الاجدى بالولايات المتحدة الامريكية ومؤسساتها الامنية ان تدعم السلام في شبه الجزيرة الكورية وان تدعم قوة الردع الامريكي هناك؛ لا ان تقوض السلام في المنطقة العربية وغرب اسيا بإنشاء مزيد من القواعد التي تقدم رسائل خاطئة لليمين الصهيوني المتطرف الذي ازداد غلوا وتوحشا في السنوات الاخيرة منذرا بجرعة كبيرة من التطرف وبصراعات دموية لاتعرف النهاية؛ مفضيا ذلك الى مزيد من التآكل للنفوذ الامريكي وقوتها الناعمة في المنطقة؛ فأمريكا لازالت تراكم اخطاء استراتيجية يتولد عنها تطرف وعنف وراديكالية يصعب تعريتها ومواجهتها بالخطابات والندوات والشعارات الرنانة.