فلسطين أون لاين

تقرير زهور الأمل.. قصة شابة تحقق حلم والدتها وتنجو من البطالة

...
زهور الأمل
رفح/ فاطمة الزهراء العويني:

البحث عن فكرة مشروع متميز ينجيها من البطالة المنتشرة في قطاع غزة استغرق منها بعضًا من الوقت، خاصة أنّ البحث كان بعيدًا تمامًا عن اختصاصها الجامعي، لكنه قريبٌ من طفولتها ونشأتها الأسرية التي عملت بالزراعة "أبًا عن جد".

فعند مشاهدة الشابة ميار فوجو من مدينة رفح لإعلانٍ لإحدى المؤسسات الممولة للمشاريع الصغيرة شرط أن يكون المشروع مميزًا، أرادت بقوة الفوز بالمنحة كي لا تبقى على قوائم انتظار فرص العمل لسنوات طوال.

في غمرة البحث عن المشروع المنشود اهتدت ميار (25 عامًا) إلى فكرة زراعة "الزعفران" لتكون أول من يزرعه في قطاع غزة.

والزعفران هو صبغ أصفر زاهي اللون وتعد زراعة زهوره مكلفة مادية وفنيًا وتقنيًا. ويُنتَج عن طريق تجفيف مياسم وجزء من الأقلام في زهرة نبات زعفران الخريف البنفسجي.

ولم تكن البداية سهلة بالنسبة لـ"ميار" خاصة أن الأمر بعيدٌ عن مجال تخصصها، لكنها بحثت بجد وتواصلت مع مهندسين زراعيين من خارج فلسطين لعمل دراسة جدوى لمشروعها ومعرفة إمكانية نجاحه في غزة، خاصة في ظل المخاوف من ألا يلائم مناخ غزة هذه الزهرة.

ومثلَّ تعطش السوق المحلي للزهرة البنفسجية دافعًا كبيرًا لـ "ميار" والتصميم على المضي قدمًا في المشروع، "كان الحصول على الأبصال للمرة الأولى في غاية الصعوبة "لكننا نجحنا بحمد الله في إدخالها في الوقت المناسب، وحصدتُ أول محصول لي في 2021م".

وتلقت الشابة تدريبات مكثفة من الإغاثة الزراعية على زراعة الزعفران، كما زودتها المؤسسة بالتمويل المالي اللازم للحصول على الأبصال وأدوات الري والأسمدة العضوية، مبينة أنها شرعت في مشروعها في 2020م، ليكون الإنتاج الأول الذي يليه.

وتشرح ميار سبب التكلفة العالية لزراعة الزعفران وبما يفسر ارتفاع ثمنه في السوق، بأن الحصول على 500 غرام من الزعفران يتطلب ما لا يقل عن 70 ألف زهرة يجب أن تكون جميعها صحيحة وصالحة. 

وتلفت إلى أن الزعفران الطازج حين يجفف يفقد الكثير من وزنه فالخمسة وعشرون كيلو غرام منه يصبح بعد التجفيف حوالي خمسة كيلو غرامات فقط.

إنتاج وفير

وحققت "ميار" حلم والدتها بزراعة الزعفران الذي كانت قد اعتادت على استخدامه في السعودية، إذ كانوا مغتربين هناك ويعرفون استخداماته وفوائده.

وتشير إلى أن الإنتاج في العام 2022م تضاعف وأصبح بكمية أوفر من العام الأول للتجربة الزراعية، "بدأتُ بزراعة نصف دونم أما الآن فالمساحة المزروعة قرابة دونم ونصف الدونم".

وتبدأ زراعة الزعفران، وفق "ميار"، في الأول من سبتمبر حتى منتصفه، لافتة إلى أن الري عملية دقيقة وتمثل أحد عوامل نجاح أو فشل المشروع، "فأي زيادة في الماء تؤدي لتعفن الأبصال، كما تجنبت استخدام الأسمدة الكيمائية رغبة في الحصول على منتج ذي جودة عالية بأسمدة عضوية ترفع من قيمته السوقية".

وتقول: "بعد عشرين يومًا من الزراعة يبدأ النمو الخضري للمزروعات حتى الأول من نوفمبر، إذ تبدأ بها عملية الإزهار فأحصد الأزهار قبل طلوع الشمس حتى لا تقل جودة الزعفران المحصود، وصولًا لحصاد الأبصال في شهر مايو".

وتحفظ مياسم الزعفران في أوان محكمة لكيلا تفقد قيمتها كمادة ثمينة، وهذه العشبة ذات رائحة طيبة. وبالرغم من مذاقها المر إلا أنها استخدامها في الطهي يكسب الطعام مذاقًا طيبًا، كما يُستخدم في تلوين الحلوى.

وتبيع ميار الأبصال للمزارعين إذ يوجد طلب كبير منهم عليها، أما الزعفران فله زبائن مخصوصين يرغبون في الحصول على الزعفران الطازج بعيدًا عن الموجود في السوق الذي يكون بالعادة أقل جودة.

وتبين أن للزعفران أربع درجات من الجودة، "أنا أنتج زعفران ذا جودة وأبيعه بسعر يراعي الوضع الاقتصادي في فلسطين، فسعر الجرام الواحد يتراوح بين (15-20 شيكلًا) في حين يبلغ سعره في الخارج 40 دولارًا وهذا يعود لنوع الزعفران وظروف زراعته".

ونجحت "ميار" في التسويق لمنتجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما استطاعت التشبيك مع مؤسسات أخرى للوصول إلى السوق المحلية عبر المعارض التجارية.

ويساعد "ميار" في عملها أهلها الذين تستفيد من خبرتهم الزراعية، "فهم شركائي في النجاح، خاصة والدي وجدي المزارعيْن أساسًا، الذين أحاطوني بنصائحهم ويشاركونني كل خطواتي".

وتشعر الشابة بالفخر والإنجاز لكونها استطاعت النجاح في مشروع هو الأول من نوعه في قطاع غزة، متمنيةً أن تتمكن من توسيع مشروعها للوصول لمرحلة تصدير الزعفران للخارج.