عملت الحكومات الصهيونية على تنفيذ مخططات الاستيطان ومصادرة الأراضي وتشكيل بيئة طاردة لتهجير الفلسطينيين المقدسيين وإصدار العديد من القوانين والقرارات مثل "قانون التنظيم والتخطيط" وغيره بهدف تضييق الخناق على السكان الفلسطينيين في القدس وفرض المناهج الصهيونية في المدارس الفلسطينية، وتغيير أسماء المعالم الفلسطينية بأسماء عبرية في ظل ضعف دور المؤسسات الحقوقية والدولية وغياب خطة وطنية واضحة لتعزيز صمود المقدسيين في مواجهة عمليات التهويد في مدينة القدس رغم القرارات المتكررة الصادرة عن الجهات الأممية والدولية والحقوقية التي تدعو لإيقاف تهويد مدينة القدس عدة قرارات دولية تدين تهويد القدس وتؤكد أنها مدينة دولية ذات مركز قانوني خاص. من بين هذه القرارات: القرار رقم 181 لسنة 1947 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي نص على أن تبقى القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية، إضافة إلى القرار رقم 252 لسنة 1968 الصادر من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي اعتبر أن جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجراءات التي تميل إلى تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة.
وصدر القرار رقم 267 لسنة 1969 من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أعاد تأكيد القرار 252 لسنة 1968، ودعا دولة الاحتلال إلى إلغاء تدابير ضم القدس بعد حرب 19673 ، واستمرت القرارات بعدها ليصدر القرار رقم 446 لسنة 1979 من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي أقر أن سياسة دولة الاحتلال وممارساتها في إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 ليس لها أي شرعية قانونية.
وعلى الرغم من عشرات القرارات الدولية التي بقيت حبراً على ورق فإن ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع الحق الفلسطيني تظهر واضحة في ظل تكرار جرائم الاحتلال ومشاريعه التهويدية وارتكاب المذابح والمجازر بحق الشعب الفلسطيني، إلا أن المجتمع الدولي لم يدع استخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان باستخدام القوة والتدخل العسكري بمباركة من مجلس الأمن، فإن هذا الفصل المكون من 13 مادة يتدرج في التعامل مع الحالات التي تشكل "تهديدا للسلم أو إخلالا به".
وهنا نجد أن الفصل السابع يسمح بممارسة ضغط على بلد لكي يمتثل لقرارات مجلس الأمن الدولي، عبر إقرار ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، ويمكن أن تتضمن هذه التدابير "وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات، وقفا جزئيا أو كليا، وقطع العلاقات الدبلوماسية".
ولازال الصمت وازدواجية المعايير مستمرة في ظل سرعة التدخل في الملف الأوكراني وتجاهل القضية الفلسطينية التي تعاني منذ ما يزيد على 75 عامًا من جرائم الاحتلال الصهيوني وازدواجية المعايير الدولية.
تهويد القدس سياسة صهيونية مستمرة تهدف إلى تغيير هوية المدينة وتشمل هذه السياسة إقامة مستوطنات صهيونية في القدس المحتلة وتدمير البيوت الفلسطينية وطرد السكان الفلسطينيين من المناطق المحتلة. اجتماع الحكومة الصهيونية الأسبوعي الذي عقدته داخل أنفاق أسفل حائط البراق بالمسجد الأقصى دليل على أن الحكومة الصهيونية أمنت العقاب في ظل ازدواجية المعايير وأساءت بجرائمها، وفي هذا الإطار تتضمن الأبعاد الرئيسة لاستمرار مشاريع تهويد القدس العديد من الأحداث والتطورات، ومن بينها زيادة عدد المستوطنات ومواصلة الاحتلال بناء مستوطنات جديدة وتوسعة المستوطنات الحالية في القدس بالتزامن مع هدم البيوت الفلسطينية، وخاصة في المناطق التي تريدها الجماعات الصهيونية المتطرفة، وإقامة مستوطنات جديدة في إطار سياستها بطرد السكان الفلسطينيين، وتواصل حملات الإخلاء القسري للعائلات الفلسطينية من منازلها في القدس بزعم عدم وجود تصاريح بناء.
تستمر سياسات التهويد في أوجه وأشكال متعددة ومتجددة بداية من تشديد الإجراءات الأمنية وتبني سياسة القمع والتضييق الأمني على الفلسطينيين في القدس، وفرض قيود على حرية التنقل والحرية الدينية في المدينة، والعمل على تغيير الهوية الثقافية لمدينة القدس في إطار تحويلها إلى مدينة صهيونية بحيث تحتفظ بالمعالم اليهودية التاريخية اليهودية فقط، وتحاول تجاهل الهوية الفلسطينية والإسلامية للمدينة.
وتستمر الحكومة الصهيونية في تقييد وصول المقدسيين إلى المسجد الأقصى كما حدث في وقت مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس والإجراءات ضد المواقع الإسلامية الأخرى في القدس وسط تقييدات كبيرة على الوصول إليها وزيارتها، وتعمل دوائر صنع القرار الصهيونية على صناعة التغيير الديموغرافي والتركيبة الديموغرافية للمدينة، وزيادة عدد المستوطنين اليهود فيها، وهو ما يهدد بتفاقم الصراع العرقي والديني في المنطقة وجميع هذه الأبعاد تترجم إلى تهديد كبير للحقوق الفلسطينية والعربية في القدس وتشكل تحديًا كبيرًا.