تزداد مخاوف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من غضب الشارع الفلسطيني ومقاومته كلما اقتربنا من يوم الخميس، الذي تدعو فيه جماعات يمينية متطرفة إلى اقتحام المسجد الأقصى المبارك من باب الأسباط لا المغاربة وذلك ضمن مسار ما يسمى "مسيرة الأعلام".
وتخشى سلطات الاحتلال، من تكرار معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة الفلسطينية في 10 أيار/ مايو 2021م، وهبة المقدسيين والضفة الغربية والداخل المحتل، وما حققته من انتصار ردًا على اغتيال ثلاثة من قادة سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الثلاثاء الماضي.
وقدمت جماعة "العودة إلى جبل الهيكل" المتطرفة طلبًا رسميًا للسماح للمستوطنين المتطرفين بالدخول إلى المسجد الأقصى ضمن مسار ما يسمى "مسيرة الأعلام الإسرائيلية" المقررة يوم 18 مايو/أيار الجاري.
وتصر شرطة الاحتلال الإسرائيلي و"جماعات الهيكل" المزعوم على استمرار تنظيم "مسيرة الأعلام" الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة وفق مسارها المخطط لها، في ذكرى ما يسمى يوم "توحيد القدس".
وكانت الجماعة المتطرفة قدمت لأول مرة، طلبًا رسميًا من أجل إدخال "مسيرة الأعلام" إلى المسجد الأقصى المبارك من باب الأسباط وذلك مساء الخميس المقبل، ما يفتح الباب لردة فعل المقاومة أو المقدسيين، وفق مختصين.
واقع جديد
وقال الباحث في شؤون القدس ناصر الهدمي: إن مسيرة الأعلام هي احتفالات بدأت مع باحتلال (إسرائيل) شرقي مدينة القدس، في أعقاب حرب حزيران/ يونيو 1967م، وهي بمثابة احتفالية يهودية في ذكرى سقوط المدينة.
وأوضح الهدمي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن الهدف من مسيرة الأعلام هي تهيأت الأجواء للحصول على اعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة، وإظهار سيطرتها على المدينة المقدسة.
وبين أن المسيرة كانت تركز في بدايتها على اقتحام المدينة المقدسة من الجهة الغربية، عبر الدخول من باب الخليل وصولًا إلى ساحة البراق، مشيرًا إلى أن الاحتلال حول مسارها بعد ذلك إلى باب العمود وبات يحمل المشاركون فيها العديد من الأعلام الإسرائيلية ويمارسون طقوسًا تلمودية ويقيمون الرقصات حول أبواب الأقصى في محاولة لفرض السيادة عليه.
وأضاف أن المسيرة منذ يومها الأول لم ولن تستطيع فرض السيطرة والسيادة على المكان، لافتًا إلى أن الاحتلال يحول المدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية بحجة حماية المسيرة، كما ويعتقل المقدسيين وكل من يعترض طريقها أو يرفع العلم الفلسطيني.
وأكد أن المقدسيين لن يتوانون في التصدي لها وسيفشلونها كما نجحوا في ذلك عبر السنوات الماضية، داعيًا المقدسيين إلى التواجد والرباط في المسجد الأقصى والبلدة القديمة، ولاسيما في باب العمود والأسباط ورفع العلم الفلسطيني.
اقرأ أيضاً: غليان وتأهُّب في الشارع المقدسي قبيل "مسيرة الأعلام" ودعوات للرباط في الأقصى
ورأى أن الروح المعنوية للمقدسيين مرتفعة جدًا فهم يدركون أن خلفهم مقاومة أربكت الاحتلال وأجبرته على القبول بشروطها وظهر ذلك خلال العدوان الأخير على القطاع، وأن "سيف القدس" الذي امتشقته الفصائل عام 2021 لن يغمد.
ثورة مقدسية
بينما رأى المختص بالشأن الإسرائيلي علي الأعور، أن معركة "ثأر الأحرار" التي خاضتها المقاومة في القطاع، ردًا على جريمة اغتيال ثلاثة من قادة سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ومعركة "سيف القدس" التي جاءت دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى والهبات المقدسية رفضًا لمخططات سلطات الاحتلال بالقدس والأقصى، يجعلها تخشى إقامة مسيرة الأعلام كما هو مخطط لها.
وقال الأعور في حديث مع صحيفة "فلسطين": إن المسيرة لن تمر بسلام كما هو مخطط لها بل ستواجه بثورة مقدسية، وسيكون للمقاومة كلمتها فهي تضع القدس والمسجد الأقصى على سلم أولوياتها.
وتوقع المختص بالشأن الإسرائيلي، أن تغير سلطات الاحتلال مسار "مسيرة الأعلام" ولن تسمح لها بالدخول إلى المسجد الأقصى خشية من ردة فعل المقاومة في القطاع، أو ثورة المقدسيين وسكان الضفة الغربية والداخل المحتل.
واعتبر أن العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وضع معادلة جديدة في الصراع مع سلطات الاحتلال وسجل انتصارًا كبيرًا للمقاومة وللشعب الفلسطيني ما يربك الأولي ويجعلها تخشى إقحام نفسها في مواجهة جديدة عنوانها القدس والأقصى.
تغيير الموعد
فيما قال المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات: إن تغيير سلطات الاحتلال موعد مسيرة الأعلام من يوم الجمعة إلى الخميس يؤكد خشيته من ردة فعل المقاومة والمصلين والوافدين إلى المسجد الأقصى المبارك.
وأضاف عبيدات في حديث مع صحيفة فلسطين": أن رفع أعلام الاحتلال واقتحام البلدة القديمة في القدس عبر الدخول من باب العمود والتجول بالرقصات والاحتفالات حول أبواب الأقصى، محاولة إسرائيلية لفرض السيطرة والسيادة على المدينة المقدسة.
ورأى المحلل السياسي، أن اقتحام المسجد الأقصى ورفع الأعلام الإسرائيلية من باب الأسباط لا المغاربة، بمثابة تطور خطير وغير مسبوق وهي إحدى المحاولات الإسرائيلية الهادف من أجل السيطرة على المنطقة الشرقية من الأقصى وفرض واقع جديد هناك.
واعتبر عبيدات، أن معركة "سيف القدس" التي خاتها المقاومة في قطاع غزة، دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى المبارك وأهالي حي الشيخ جراح، والعدوان الأخير على القطاع، والذي بدأ في 9 من الشهر الجاري يربك سلطات الاحتلال ويجعلها تخشى من رد فعل المقاومة.
وتوقع أن يكون للمقاومة كلمتها في حال نفذت سلطات الاحتلال المسيرة و اقتحمت المسجد من باب الأسباط وعبر المرور من الحي الإسلامي، كما وسيكون للمقدسيين وسكان الضفة الغربية والداخل المحتل كلمتهم حال نفذت المسيرة كما هو مخطط لها، كما ستشدد إجراءاتها الأمنية بالمدينة المحتلة.
ذكر أن سلطات الاحتلال ستحشد نحو ألفي شرطة وستكثف عملها الاستخباراتي والأمني من أجل تأمين المسيرة كما وستعمل على نصب حواجز جديدة ومتنقلة، وتسير الطائرات لمراقبة المكان، إلى جانب فرض حصار مشدد على الأحياء العربية بهدف إنجاح المسيرة وحماية المشاركين فيها.