انتهت معركة ثأر الاحرار، التي استمرت خمسة أيام بانتصار واضح للمقاومة الفلسطينية، وهذه جولة تحسب لغزة ولمقاومتها وللشعب الفلسطيني، ودخول وقف القتال حيز التنفيذ لا يعني عودة المقاتلين إلى بيوتهم، ولا أن الجولة القادمة ستتأخر، إذ إن العدو لا يؤمن جانبه، وحكومة نتنياهو الإرهابية غير مستقرة والنتائج غير مرضية للعدو، وخاصة لمن هم أكثر تطرفًا مثل عضوي الكنيست "بن غفير وسموتريتش"، وبالتالي لا نستبعد عدوانًا جديدًا على الشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة ولا سيما في القدس قد يستلزم تدخلًا مبكرًا للمقاومة.
المقاومة في غزة انتصرت بالرغم من رفض العدو الإسرائيلي الموافقة علنيًا على بعض شروط المقاومة، وطالما تقدمت المقاومة بشروط وقبل العدو مناقشتها فهذا يعني أنه يعترف بحاجته إلى وقف إطلاق النار وإنهاء المعركة، وهنا لا أستبعد تنفيذ بعض الشروط بعد أيام أو أسابيع مثل الإفراج عن جثمان الشهيد خضر عدنان رحمه الله.
العدو الإسرائيلي لا يلتزم باتفاقيات أو شروط ولكنه يخضع بالقوة والتهديد لتنفيذ مطالب المقاومة، فبعد مضي عامان على معركة سيف القدس لم تصدر المحاكم الإسرائيلية قرار إخلاء بعض العائلات الفلسطينية من ممتلكاتهم في حي الشيخ جراح لمصلحة جمعيات إسرائيلية، لأن الحرب اندلعت بسببهم وحينها اعترف نتنياهو بأنه للمرة الأولى، تتدخل الحكومة في عمل القضاء الإسرائيلي، وهذا هو الرضوخ الفعلي لقوة المقاومة، وهذا مجرد مثال على ذلك. أريد أن أقول إن الضامن الوحيد لتنفيذ مطالب المقاومة هو القوة ومراكمة الإنجازات والانتصار بالنقاط إلى حين أن تأتي الضربة القاضية وحرب التحرير.
ومن دلائل الانتصار الفلسطيني أيضًا هو ضرب (تل أبيب) ومستوطنات القدس وشلّ حركة المطارات والموانئ وإدخال أكثر من ثلث المستوطنين في الكيان إلى الملاجئ، وفرض منع التجول مع عجز تام لجيش الاحتلال عن وقف صواريخ المقاومة، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا عجز الجيش عن التحرك؟ بكل بساطة لأن حركة الجهاد الاسلامي كانت مدعومة من جميع فصائل المقاومة في قطاع غزة وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام، بينما (إسرائيل) أدركت أن تماديها في عدوانها وزيادة وتيرة القتل والتدمير سيؤديان بالضرورة إلى دخول حماس للمعركة دخولاً مباشرًا وبكامل قوتها، ولكن طالما استطاعت حركة الجهاد الاسلامي وبعض الفصائل القيام بواجب صد العدوان فلم يكن هناك حاجة إلى تصعيد الموقف، وهناك من يعتقد أن كتائب القسام تعد لما هو أكبر من معركة سيف القدس الأولى ولديها أسباب كثيرة مثل: حصار غزة، وتدنيس المقدسات، وسفك الدماء والاحتلال ذاته يعد سببًا كافيًا للحرب، كما أن لديها الاستعداد لمعركة فاصلة وتنتظر الظرف الأمثل لخوضها.
الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده احتفل بانتصار غزة ومقاومتها على الاحتلال الإسرائيلي، ولكن أصوات النشاز تظهر هنا وهناك في محاولة التنكيد على الشعب الفلسطيني، وهؤلاء وصفتهم بالباحثين عن الهزيمة في ثنايا النصر بعد كل إنجاز تحققه المقاومة الفلسطينية، وأكثر أولئك جرأة من طالبوا حركة الجهاد الاسلامي بالتوقف عن ضرب الصواريخ ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية بزعم أن الصواريخ لم تحقق أي نتيجة في كل الحروب والجولات التي خاضتها ضد المحتل الإسرائيلي، وهو الذي كان يشاهد دبابات الاحتلال تمر من باب منزله في قطاع غزة، وهو الذي عاش في غزة عندما كانت مستباحة من جيش الاحتلال يدخلها متى يشاء ويقصفها متى أراد، وأنا هنا أذكّره وأذكر بقية المتخاذلين والمُخذلين أن المقاومة نجحت في تحرير غزة ونجحت في تحريم الاجتياحات البرية لها، ونجحت المقاومة في الدفاع عن القدس وحي الشيخ جراح والضفة الغربية، واستطاعت أن تحرك الجماهير الفلسطينية في التصدي للاحتلال في كل مكان وفي داخل المناطق المحتلة عام 48، كذلك فإن المقاومة استطاعت أن تفرض معادلة الردع والرعب وأن تثبتها تمامًا، ومن لا يرى كل ذلك قد يكون مضللًا أو مهزومًا نفسيًا يصعب علاجه أو أن تكون له أجندة لا علاقة لها بالوطن والوطنية.