رهن محللون سياسيون مختصون بالشأن الفلسطيني، أن عودة حكومة "الحمد الله" إلى قطاع غزة ومباشرة مهامها بعد أن أعلنت حركة حماس حل اللجنة الإدارية، ستكون بقرار من رئيس السلطة محمود عباس.
وكانت حماس، شكلت هذه اللجنة قبل نحو ستة أشهر كـ"خطوة اضطرارية" مؤقتة للتنسيق بين الوزارات بغزة في ظل غياب حكومة الحمد الله، مؤكدة أن الحاجة إلى اللجنة ستصبح منتفية حال قيام الحكومة بمسؤولياتها وأدوارها في القطاع.
ورغم أن اللجنة باتت بحكم المنتهية، إلا أن حكومة الحمد الله التي رحب بخطوة حماس، لم تخطُ خطوة إجرائية إلى الأمام، كما لم تحدد موعدًا للتوجه إلى غزة، واكتفت بالإعلان عن دعمها لقرار عباس المرحب بخطوة حماس التي دفعت بخيوط اللعبة إلى يده كما كان يطالب دائمًا.
"تسهيلات"
ويشير محاضر العلوم السياسية في جامعات الضفة الغربية جهاد حرب، إلى أن حكومة الحمد الله ستنتظر عودة عباس من نيويورك لتجسيد ترحيبه بحل اللجنة عمليًا عبر أمرين: الأول، موافقة الرئيس والمتمثلة على تقديم "تسهيلات"، أو التراجع عن بعض القرارات الانتقامية التي اتخذها ضد غزة والمتعلقة بالتحويلات المالية.
أما الأمر الثاني، فيكمن في قدرة الحكومة على العمل في القطاع، لا سيما وأن وصولها يحتاج لإجراءات والنظر في كيفية استلامها لمهامها وكيفية التعاطي مع قراراتها.
وفيما يتعلق بالتفاصيل التي يتخوف منها الشارع الفلسطيني، يقول حرب لصحيفة "فلسطين": "نأمل بالتوصل لاتفاق مصالحة وإنهاء الانقسام بشكل كامل، لكن هذه العملية تحتاج إلى وقت وجهد قد يستغرق عامين على الأقل من أجل إعادة تحسين وتطوير البنى المؤسساتية والقانونية في غزة، وانسجامها مع البنية المماثلة في الضفة".
وأضاف: "كما تحتاج إلى إرادة سياسية عند الأطراف تكون صادقة تجاه تذليل العقبات أو الملفات المتعلقة بإنهاء الانقسام، بما فيها ملف الموظفين والمعابر وعمل الوزراء وتقديم الخدمات أيضًا".
"إقليم منفصل"
وفي سياق متصل، يرى عماد محسن، المحلل السياسي أن "حماس" سجلت موقفًا واضحًا بالإعلان رسميًا عن حل اللجنة الإدارية "وينبغي الآن على حركة فتح أن تصدر موقفًا رسميًا مكتوبًا تقول فيه إن الخطوة التي لطالما أرادتها قد نفذت، وتدعو حكومة الحمد الله للتوجه الفوري إلى غزة".
وسجل محسن في حديث لصحيفة "فلسطين"، تحفظه على لفظ "زيارة" رئيس الحكومة رامي الحمد الله لقطاع غزة، مشددًا على أن القطاع "جزء من الوطن والذهاب إليه يسمى "توجهًا" وليس "زيارة" وكأنه إقليم منفصل.
وعلق على مخاوف الشارع الفلسطيني من تعثر اتفاق المصالحة كسابق الاتفاقيات، قائلًا: "الشياطين كثيرة وتكمن في كل تفاصيل الحالة الفلسطينية تقريبًا".
وقال الكاتب السياسي: "إذا راهنا على قدرة هذه الشياطين على أن تكون هي العقبة أمام الشراكة الوطنية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، وأمام التوجه لجلب شرعية من صندوق الانتخابات سوف تكون الكارثة".
وبين محسن، أن ملفات التفاصيل "ساخنة للغاية ومن بينهما جموع الموظفين الذين كانوا على رأس عملهم قبل 2007 ومن حل مكانهم بعد ذلك"، مشددًا على أهمية وضرورة إيجاد "حل ابتكاري" في جلسة حوار هادئة لهذه الأزمة تحديدًا، على أن يكون ذلك في سياق معالجة الإجراءات العقابية الأخيرة ضد غزة.
وقال: "خلال شهر واحد يمكن أن تحل أزمة الموظفين، والأجهزة الأمنية تم الاتفاق على تأجيل الحديث بشأنها حتى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قادمة، وبعدها لن تبقى إشكاليات سوى معبر رفح والذي يبدو أن الحل الوحيد له أن يكون مثل معبر بيت حانون".
لا توجد حجة
بدوره، يرى الناشط السياسي عمر عساف، أن خطوة حماس يجب أن تقابل من عباس بخطوات إيجابية مماثلة بإلغاء جميع قراراته التي اتخذها منذ نيسان/ أبريل الماضي "وما دون ذلك يبقى الحديث عن المصالحة منقوصًا، فلم يعد أمام الحكومة أي سبب للامتناع عن تسلم مهامها".
وعبر عساف في حديث لصحيفة "فلسطين"، عن خشيته من أن يضع اجتماع رئيس السلطة بالرئيس الأمريكي على هامش اجتماع الدورة العادية للأمم المتحدة الذي ينعقد اليوم "عصا في دواليب المصالحة التي بدأت تجري وتكبر معها آمال الفلسطينيين".
وأوضح أن الإدارة الأمريكية التي صنفت حماس كـ"حركة إرهابية" لا أظن أنها غيرت معاييرها ورفعت يدها عن المصالحة، وكذلك الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل اعتداءاته على غزة ويسوّق سياسيًا في العواصم الدولية صورة سلبية عن الحركة أنها ترفض الآخر.
وقال: "قبول هذين الطرفين للمصالحة الفلسطينية قد يكون جزءًا من عملية احتواء العمل المقاوم للحركة، وهذا ما بدأ يتكشف في الفترة الأخيرة لمن يتابع التصريحات السياسية لجميع الأطراف".