رأى محللان سياسيان أن تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، تعكس صدق نوايا حركته للمضي قدمًا نحو تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام السياسي على أساس الشراكة الوطنية.
وأجمع المحللان في حديثين منفصلين مع صحيفة "فلسطين"، على أن تصريحات هنية اشتملت على كل القضايا المتعلقة بغزة، وتهيئ أجواءً إيجابية لتحقيق مصالحة جدية مع حركة "فتح" خلافًا للمرات السابقة.
وكان هنية أكد خلال مؤتمر عقده فور عودة وفد حماس من القاهرة في معبر رفح، مساء أمس، تمسّك حركته بإتمام المصالحة، وجهوزيتها لاستقبال حكومة الحمد الله فورًا في قطاع غزة.
فيما أعلنت "حماس"، حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، استجابة للجهود المصرية بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية، داعيةً حكومة الحمد الله للقدوم لغزة، من أجل ممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورًا.
وعد المحلل السياسي حسام الدجني، تصريحات هنية بأنها وحدوية بالدرجة الأولى، وشملت جميع القضايا التي ينتظرها الشارع الفلسطيني منذ أيام، في ظل الحديث عن المصالحة وحل اللجنة الإدارية، والعلاقات الثنائية والحصار المفروض على القطاع.
وقال الدجني في حديث لـ"فلسطين": إن هنية أعطى مناخًا وأجواءً إيجابية تضاف إلى الأجواء السابقة التي اعتادت إيجادها حماس خلال المبادرات السابقة.
وأشار إلى أن الفلسطينيين ينتظرون رد حركة "فتح" على تلك الخطوات وخطاب رئيس السلطة محمود عباس بأن يكون بنفس درجة التفاؤل، من أجل إنهاء الانقسام.
ويؤيد ذلك الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، مشيرًا إلى أن إلقاء هنية مؤتمرًا فور عودته من القاهرة، يعكس وجود قوة دافعة باتجاه المصالحة، وأن الأمور باتت أكثر جدية.
وأكد حبيب لـ"فلسطين"، أن هذه المرة الأكثر فعلية وجدية نحو إنهاء الانقسام وتحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية برعاية جمهورية مصر العربية، التي كان لها الدور الأبرز والمؤثر.
وقال: "يجب على حكومة الحمد الله أن تأتي لغزة وتتحمل مسؤولياتها الإدارية، لا سيما أن الباب بات مشرعًا أمامها لدفن عشر سنوات من الانقسام السياسي".
المطلوب من السلطة
وفي ظل صدق النوايا لدى حماس والبدء بخطوات فعلية تمثلت أولاها بحل اللجنة الإدارية، يرى الدجني، أنه ينبغي على حكومة الحمد الله القدوم لقطاع غزة، لملء الفراغ الإداري في الوزارات بعد حل اللجنة الإدارية وتركها.
وبحسب الدجني، فإنه يجب على الوزراء القدوم لوزارتهم في القطاع، والجلوس مع الموظفين، والبدء بتشكيل اللجان، مضيفًا: "لا نريد أن تكون هناك خطوات أحادية الجانب من حكومة الحمد الله من شأنها توتير الساحة الفلسطينية".
وأشار إلى ضرورة التنسيق مع الفصائل في غزة، من أجل أن يكون هناك دمج سريع، "لكن دون أن يكون على حساب أي طرف موجود، والتأسيس لشراكة وطنية، تجنبًا لعودة الأمور لمربعها الأول في السابق"، وفق قوله.
أما حبيب، فيرى أن الحكومة في رام الله، متريثة لاتخاذ خطوات جدية وفعالة إلى حين انتظار عودة رئيس السلطة محمود عباس من نيويورك.
ونبّه حبيب إلى أن "الأمر لا يحتمل التأخير، وعلى الجانب الفلسطيني التقاط هذه الفرصة الأكثر جدية، من بين كل المبادرات للتوجه لغزة، بهدف ترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء الكارثة التي تنطلق من حالة الانقسام.
السيناريو المتوقع
وفيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، فإن المحللين الدجني وحبيب أجمعا على إمكانية التوصل للوحدة الوطنية بين الطرفين، مشيرين إلى أن الأمر مرتبط بمدى تجاوب "فتح" مع مبادرة هنية.
ويتوقع الدجني، أن تستجيب فتح لمبادرة هنية، وبدء ترجمة خطوات الوحدة الوطنية، خاصة بعد إدراكها أن الإدارة الأمريكية والاحتلال لن يقدما شيئًا لها، "وأن الوحدة الطريق الأفضل، والحصانة لعباس وفتح، للهرب من امتداد الأفق السياسي نحو الشعب الفلسطيني، وتوظيف كل أوراق المقاومة والوحدة في مواجهة التحديات"، وفق قوله.
ويتفق حبيب مع سابقه، مشيرًا إلى وجود قوة دفع كبيرة ومؤثرة من مصر وبدعم إقليمي ودولي نحو إنهاء الانقسام، لا سيما بعد إلغاء الفيتو الأمريكي الإسرائيلي حول المصالحة، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة لا تتكرر باتجاه إنهاء حالة الانقسام.