فلسطين أون لاين

شاكر: مستجدات التطبيع تقتضي رؤية إعلامية فعالة

...
اسطنبول - فلسطين أون لاين

أكد الاستشاري الإعلامي حسام شاكر اليوم الثلاثاء على أهمية تطوير رؤية إعلامية لمقاومة التطبيع بما يراعي التحوّلات الماثلة في الحالة التطبيعية وملابساتها وفي الواقع الإعلامي وتطوّراته.

جاء ذلك في ورقة موسعة عن التطبيع وتفاعلاته الإعلامية قدّمها شاكر في ندوة بحثية عن التطبيع، عقدتها حركة مقاومة التطبيع في اسطنبول بمشاركة خبراء وباحثين من بلدان عدة.

واستعرض شاكر الخطاب التطبيعي وذرائعه، وأطوار الحالة التطبيعية وتفاعلاتها الإعلامية، وخيارات التأثير الفعال في مناوأة هذه الحالة، مع أهمية تطوير الخطاب وأدوات العمل في هذا السياق.

تفكيك الخطاب التطبيعي

وباشر شاكر بتناول تفكيك "الخطاب التطبيعي"، مشيراً إلى أنه "لا يفتقر إلى الهشاشة والسذاجة والتناقض، لكنه ليس معروضاً للمناقشة الجادّة أساساً بل هو خطاب مفروض بقوّة معادلات غير متكافئة غالباً وبسطوة الضخ الدعائي المكثف والترهيب من النقد أحياناً، كما يأتي مشفوعاً بمؤثرات نفسية وعاطفية تتلبسه بغرض تمكينه من النفاذ إلى الأوساط التي يخاطبها".

وذكر أن الخطاب التطبيعي يسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف حسب السياق والحالة والأطراف، ومن ذلك "محاولة كسب المشروعية للتوجّه التطبيعي أو السعي إلى نزعها عن التوجّهات التي تعارضها، وتبرير التوجّه التطبيعي وتسويغه والتماس الذرائع له.

وأشار إلى أن الخطاب التطبيعي يسعى أيضاً إلى "تشويه الأطراف المقابلة الرافضة للتطبيع، وكبح مساعي مقاومة التطبيع، مثلاً عبر التشكيك بها وبولائها".

وقال إن هذا الخطاب يهدف ضمناً إلى "تحسين الرصيد المعنوي والأخلاقي الزائف للضالعين بالتطبيع، ومنح الانطباع بتنامي القبول بالحالة التطبيعية والالتفاف الداعم حولها"، علاوة على "التيئيس والتثبيط من مقاومة التطبيع وكذلك من مساندة قضية فلسطين عموماً"، كما قال.

وأضاف أن الخطاب التطبيعي يقوم على "مضامين نمطية متعددة، ذات منحى تبسيطي وساذج غالباً، ولا تفتقر إلى التناقض في ما بينها أيضاً".

وذكر شاكر أن "هذه المضامين قد لا تهدف إلى الإقناع دوماً بل قد تكون لها مقاصد تبريرية ذرائعية، أو لدفع الاتهام صوب وجهة أخرى، أو للتعمية على الموقف بسُحُب دخان تحرف الأنظار عن الواقع".

وأكد شاكر الحاجة إلى تطوير خطاب مقاومة التطبيع، وقال إنّ ذلك يتطلب استيفاء جملة من الشروط والمواصفات، من قبيل "تبْيئة خطاب مقاومة التطبيع أو التكييف البيئي له حسب البيئات والأوساط والفئات المُخاطبة، وملامسة الخصوصيات والنظام الرمزي لبيئات التحرك والأوساط والفئات".

وأوضح أنّ ذلك يفرض "تجاوز نمطيّات الشعار الواحد والخطاب الواحد والبرنامج الواحد والأداة الواحدة إلى تكييفات متعددة من ذلك كله حسب البيئة والظرف".

وأكد شاكر في هذا الصدد أنّ "تطوير الخطاب يقتضي صياغة المقولات والحجج بعناية بما يشمل الملفات والقضايا الفرعية المتعددة ذات الصلة بالتطبيع"، كما أنّ تفنيد خطاب التطبيع يقتضي "رصد هذا الخطاب ومرتكزاته، وقائمة الذرائع المحبوكة التي يَحتجّ بها".

وأشار شاكر إلى "معادلة الالتزام والمصالح"، مؤكداً أهمية "الدفع باتجاه وعي يدرك تناقض التطبيع مع المصالح المباشرة وغير المباشرة للمواطن والشعب والبلد والأمّة، فبيان الوجوه الواقعية والمصلحية المتوخّاة من رفض التطبيع يعزز القناعة بخيارات مقاومة التطبيع وجدواها".

أطوار التطبيع

وصنف شاكر خمسة أطوار للحالة التطبيعية والتفاعلات الإعلامية التي تلازم كل طور منها. وهي تشمل طور التهيئة الذهنية والتكييف المعنوي، وطور الإرهاصات والمقدمات التطبيعية العملية، وطور الانخراط التطبيعي الفعلي الذي يسعى لتكريس حضوره وتوسيع نطاقه، وطور التطبيع المتكرِّس والمزمن.

والطور الذي تجسده التفاعلات والتداعيات المترتبة على بعض وجوه التطبيع التفصيلية، وشرح شاكر السمات الإعلامية لكل طور من هذه الأطوار وخيارات تفكيك الخطابات والحملات الإعلامية التطبيعية التي ترافق كل طور منها.

من جانب آخر لاحظ شاكر أنّ مساعي التطبيع المنسّقة "تبذل قصارى جهدها في الوصم الانطباعي السلبي والكريه بحق قضية فلسطين عموماً ومقاومة التطبيع ضمناً، بما يهدف لإسدال ظلال انطباعية سلبية قاتمة ومنبوذة على الوعي الجمعي بفلسطين وقضيتها وبمقاومة التطبيع، مع تقديم إيجابي لمساعي التطبيع بسياقات إيجابية ومُشرقة وحالمة".

وقال إنه "لا ينبغي في هذا السياق معالجة هذا التأثير وحسب؛ بل والدفع به بشكل ارتدادي إلى نقيضه، بالوصم الانطباعي السلبي للتطبيع والضالعين به. كما ينبغي درء مساعي احتكار بعض المصطلحات والمفردات لصالح الخطاب التطبيعي، بالعمل على تحييد مفعولها أو استعمالها باتجاهات عكسية".

خيارات التأثير الإعلامي

وفي ما يتعلق بخيارات التأثير الإعلامي أكد شاكر "أهمية المبادرة وصناعة الحدث، ومن وجوه ذلك التوجّه إلى صناعة أحداث تضغط في اتجاه محاصرة التطبيع ومناوأته، عبر خيارات من قبيل الفعاليات الرمزية والحملات وتحرّكات التضامن النوعية والمواقف التي تجتذب الانتباه".

كما شدّد شاكر على أهمية إطلاق طاقات التفاعل الكامنة، مثلاً من خلال تحريك النخب الإعلامية وجماهير الجيل الإعلامي الجديد وكسب صفوة المجتمعات وقادة الرأي ضد التطبيع، بما يتكفل بإحداث فارق ملموس في منسوب الجهود وكفاءتها".

وذكر "أن جهود الأوساط الشابة، بشكل خاص، في المتابعة والرصد والتوثيق والقيام بالمبادرات الإعلامية والمدنية والجماهيرية، واشتغال الخبراء والمختصين على الملفات والتحركات والمبادرات والحملات عبر حالات تفاعلية متبادلة؛ من شأنه أن يمثِّل استجابة إيجابية فعالة لتحديات التطبيع".