فلسطين أون لاين

مبادرون يطلقون حملة "مع أهلنا"

تقرير عمال المياومة في غزة.. كفاح العيش تحت نيران العدوان

...
عمال المياومة في قطاع غزة
غزة/ هدى الدلو:

يعمل وائل عايش سائق أجرة من 11 إلى 14 ساعة يوميًّا، لتوفير احتياجات عائلته المكونة من ثلاثة أفراد، وتأمين أجرة البيت كل نهاية الشهر.

لكنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في التاسع من مايو، لم يخرج بمركبته إلى الطرقات خشية انزلاق الوضع الأمني إلى تصعيد كبير.

يقول: "هذا العدوان ليس الأول الذي يؤثر على حياتنا المعيشية، فسبقته حروب إسرائيلية عديدة تتكرر كل عام أو عامين، تصبح معها حياتنا صعبة بشكل كبير".

ليس هذا فقط ما يُصعّب الأمر على وائل، إذ يسكن قريبًا من منطقة السياج الأمني الفاصل شمال قطاع غزة، ما يضطره إلى إرسال زوجته وابنه إلى بيت أهلها.

في الأيام العادية يصل وائل (33 عامًا) سائق الخطوط العمومية الليل بالنهار لنقل الركاب وتحصيل 50 شيقلًا أو أقل، تعينه على تلبية احتياجات أسرته، ويدَّخر جزءًا بسيطًا منه ليتمكن من دفع إيجار البيت الذي يسكن فيه.

ويُعدُّ وائل نموذجًا لعشرات العمال الذين يعملون بنظام المياومة ويعيلون أسرهم وفق ما يتحصّلون عليه من أجور عمل أو خدمات يُقدّمونها للمواطنين، كسائقي مركبات الأجرة، وعربات بيع المشروبات الباردة والساخنة، والمزارعين، وعمال المخابز والورش الصناعية، وغيرهم من الفئات.

ويضيف: "حياتنا كعاملين بنظام اليومي صعبة وتزداد بفعل العدوان الإسرائيلي، فلا يتمكن الواحد منا من الخروج للعمل إما خوفًا على نفسه وأطفاله أو لأنّ الظرف العام لا يسمح، فالطرقات تبدو خالية من المواطنين نتيجة إغلاق المؤسسات العامة والخاصة خشية الوضع الأمني المتدهور".

ويمضي إلى القول إنه يحاول وأسرته تمضية أيام العدوان بما هو متوافر لديهم من مدخرات، "وهذا يعني أني سأضطر الشهر الجاري للاستدانة من أجل تسديد إيجار البيت".

صعوبة الظروف المعيشية والوصول إلى العمل يعكسها المزارع خالد قديح من سكان مدينة خان يونس الذي يتمركز عمله في المناطق الحدودية فلا تبعد الأرض التي يعمل بها سوى 150 مترًا عن السياج الأمني الفاصل، حيث يصبح الوضع مخيفًا بالنسبة له.

يقول: "أضطرُّ أحيانًا كعامل يومي إلى التضحية بروحي في ظلّ أي تصعيد أو عدوان لأجل توفير قوت أبنائي الصغار، وتوفير علاجٍ لوالدَيَّ المريضَين".

ويعيل قديح (37 عامًا)، ثمانية أفراد، وفي العادة يبدأ دوامه في الأرض من الساعة الخامسة صباحًا حتى الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ويعود مرة ثانية في ساعات المساء ليتمكن من توفير قوت أبنائه ولا تتراكم الديون على كاهله، لكنه يتجنب الوصول إلى الأرض خلال التصعيد.

ويشير إلى أنّ الدخل اليومي يتراوح بين 15 و25 شيقلًا، ويحاسب على 5 شواقل في الساعة الواحدة.

يصمت قديح ثم يكمل حديثه: "هذه حياتنا في الأيام الهادئة التي نتمكن فيها من العمل والوصول إلى الأرض، فيكف تكون في ظل العدوان الذي لا نتمكن منه من الخروج من البيت، وبالتالي لا يدخل جيوبنا شيقل واحد منذ بداية التصعيد الإسرائيلي".

التكافل والتكاتف

ونتيجة لهذه الظروف أطلق ناشطون حملة "مع أهلنا" والتي تهدف لإعانة عمال المياومة الذين لا يستطيعون الخروج لإعالة وتدبير احتياجات أسرهم بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.

يقول زكي مدوخ، أحد أعضاء الفريق المبادر، أنّ الحملة تأتي لتُحقّق شكل من أشكال التكافل والتكاتف الاجتماعي والتعاون والوقوف بجانب أبناء الشعب في ظل العدوان المستمر عليه، ولتعزيز صموده.

وبيّن أنّ الحملة تُنفّذ على مستوى قطاع غزة وتَمكّن الفريق حتى الآن من توزيع أكثر من 1000 طرد غذائي على العاملين بنظام المياومة والأسر المتعففة.

وأضاف: "تأتي الحملة في سياق مبادرتهم التنسيقية الخيرية ولإنقاذ تلك الفئة من الظروف الصعبة التي تمر بها بفعل العدوان الذي يتسبب لهم بتوقف في مناحي الحياة خاصة أنّ غالبية العوائل في القطاع تعتاش بنظام العمل اليومي".

ووفقًا لورقة حقائق نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان، في سبتمبر/ أيلول 2020، فإنّ عدد عمال المياومة في قطاع غزة يُقدّر بنحو 18 ألف عامل، ويعمل هؤلاء بمتوسط أجور قدره 49 شيقلًا يوميًّا.