غزة/ رامي رمانة:
أكد مختصون اقتصاديون تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر مباشرة وغير مباشرة في أعقاب رد المقاومة الفلسطينية على هجمات الاحتلال المستمرة، مبينين أن مناطق مركز الاقتصاد مثل (تل أبيب) وعسقلان وأسدود باتت شبه مشلولة، وأن حركة الملاحة البرية والبحرية معطلة.
وبينوا أن ما تتعرض له دولة الاحتلال يزيد من حجم مخاوف المستثمرين الأجانب الذين تغيرت وجهتهم الاستثمارية في أعقاب الخلافات الداخلية حول ما تسمى الإصلاحات القضائية، لافتين إلى الإنفاق الكبير على الترسانة العسكرية والتكلفة العالية لأنظمة اعتراض صواريخ المقاومة.
ويقول الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر يقول:" إن سقوط صواريخ قطاع غزة في مناطق تعتبر مركز الاقتصاد الإسرائيلي وعصبه كتل أبيب وعسقلان، يعني نسف ونفي الأمان الذي تتبناه دولة الاحتلال باعتبارها مركزا للاستقرار والاستثمار التكنولوجي".
وأضاف أبو عامر لصحيفة "فلسطين" "أن توقيت اعتداء الاحتلال على القطاع ورد المقاومة يتزامن مع وقت تهرب فيه رؤوس الأموال من شركات الهايتك بسبب أزمة الإصلاحات القضائية، وبالتالي فإن الضرر الاقتصادي سيتضاعف وقد يضع حكومة الاحتلال أمام مسؤوليات إعادة الثقة المفقودة للمستثمرين".
وتابع أبو عامر: "بالنظر لحالة الطوارئ المفروضة حتى عمق ٨٠ كيلومترا، فنحن نتحدث هنا عن تعطل اقتصاد ثلث دولة الاحتلال، وبعض التقديرات تشير إلى أن الخسائر المباشرة تقترب من مليار شيقل يومياً، ولكني أرى أن الضرر أكبر من ذلك بكثير، فمثلا فقدان آلاف ساعات العمل وبالتالي تأخر تسليم عشرات ومئات المشاريع".
ونوه إلى أن تعطل العمل في بورصة (تل أبيب) يعكس صورة سلبية أمام المستثمرين الأجانب، كما يمكن ملاحظة الضرر الاقتصادي بما يصدر من تصريحات عن مسؤولين في الجيش والحكومة بالرغبة في عدم إطالة أمد المعركة، نظرا لأن الجبهة الداخلية لا تحتمل كل هذا الضغط والشلل الاقتصادي.
من جانبه أكد الاختصاصي الاقتصادي د. محمد نصار أن التهديدات الأمنية المتزايدة من جراء استمرار جولة القتال الحالية تهدد الاقتصاد الإسرائيلي بتكبده خسارة يومية خاصة في القطاعات الاقتصادية الانتاجية، قطاع السياحة، قطاع الإنشاءات والعقارات، قطاع الطاقة والغاز.
وقال نصار لصحيفة "فلسطين": "تؤثر الحرب بشكل كبير في القطاعات الإنتاجية وعلى وجه الخصوص القطاع الصناعي، ويقاس حجم الأضرار الاقتصادية بالأضرار التي لحقت بالمنشآت إضافة إلى حجم العمالة التي توقفت عن العمل نتيجة لتوقف حركة المواصلات العامة، وتحديداً حركة القطارات التي تصل وسط دولة الاحتلال بجنوبها".
وأضاف أن حجم الخسائر في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية يتوقف باتساع بؤرة التوتر، حيث يتوقع أن 50 % من العمالة في جنوب دولة الاحتلال وكذلك 30% في الوسط قد توقفت عن العمل من جراء التصعيد الحالي، ناهيك عن الخسائر غير المباشرة مثل الأضرار المالية التي تلحق بالربحية والأضرار غير المباشرة مثل الإضرار بالسمعة لدى العملاء في الخارج، وإلغاء الصفقات، وعدم الالتزام بالجداول الزمنية، هي خسائر إضافية على المدى المتوسط والبعيد.
وتابع نصار أن توقف الرحلات الدولية لبعض شركات الطيران سيكون له آثار سلبية في القطاع السياحي، مبيناً أنه بلغ عدد السياح الذي دخلوا دولة الاحتلال في عام 2022 حوالي 2.67 مليون سائح وحجم العائدات بلغ أكثر 13.5 مليار شيقل من 3.6 مليارات يورو.
ونوه نصار إلى أن قطاع الطاقة والغاز يعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية حساسية لأي توتر، وتعتبر دولة الاحتلال من الدول الصاعدة في هذا المجال في ظل الأهمية التي يحوز عليها غاز شرق المتوسط في ظل الأزمة الروسية والأوكرانية، ولا ترتبط أضرار هذا القطاع بموعد انتهاء الحرب.
أما على صعيد قطاع العقارات والإنشاءات فيقول نصار إن العدوان سيؤدي مع الوقت واتساع بقعة التصعيد وعدم الاستقرار إلى توقف تدريجي في هذا القطاع وتأخر في جداول العمل، وعزوف الأجانب عن شراء العقارات.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي أحمد أبو قمر إن ما تتعرض له دولة الاحتلال لا شك أنه سيوقف الحياة الاقتصادية التي طالما اعتبرت بيئة مثالية لكثير من الشركات العالمية وخصوصا في مجال التكنولوجيا، وهو ما يدفع صنّاع القرار للإسراع بالبحث عن حلول فورية.
وبين أبو قمر لصحيفة "فلسطين" أنه ينبغي على حكومة الاحتلال أن تدرك أن عامل الوقت مهم جداً لوقف تدهور كبير سيلحق بالاقتصاد، مشيراً إلى أن رقعة الضرر الاقتصادي تتسع دون سبب ظاهري وبالتالي نجد أن الآثار الاقتصادية مدمرة على دولة الاحتلال.
وحديثاً قال صندوق النقد الدولي، إن التعديلات القضائية المقترحة في دولة الاحتلال تمثل خطرا كبيرا على الاقتصاد قد يؤدي إلى تشديد الأوضاع المالية ويعوق الاستثمار والاستهلاك والنمو على المدى الطويل.
وذكر الصندوق، في بيان صدر في ختام مهمة فريقه في دولة الاحتلال أنه يتعين عليه الحد من عدم اليقين المحيط بالتعديلات من خلال "حل مستدام سياسيا يكون واضحا ومفهوما جيدا، محليا وخارجيا".
وقال صندوق النقد الدولي "في ظل غياب حل دائم ومستدام سياسيا، قد يؤدي استمرار حالة عدم اليقين إلى زيادة كبيرة في كلفة مخاطر الاقتصاد، وإلى تشديد الوضع المالي، وعرقلة الاستثمار والاستهلاك، مع تداعيات محتملة على النمو، على المدى الطويل أيضا".
يأتي ذلك بعد أن خفّضت وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس"(Moody’s Investors Service) الشهر الماضي توقعات التصنيف الائتماني السيادي لدولة الاحتلال (A1) إلى "مستقر" من "إيجابي".
وأفاد الصندوق أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة العبرية سيتباطأ إلى 2.5% في 2023 مقارنة بـ6.5% في 2022 من جراء مواصلة الاحتلال إغلاق المعابر.