تتعرض حكومة اليمين المتطرف لتصدع كبير، بعد فشلها في استعادة الردع في غزة، وتشير أبرز الخلافات بين الليكود والأحزاب اليمينية الأخرى، التي يقودها وزير الأمن الوطني "إيتمار بن غفير" والمتطرف وزير المالية "سموتريتش" إلى حالة الانهيار في العلاقة بين الأطراف الصهيونية في ائتلاف اليمين، الذي خاض جولة قتال أمام المقاومة الفلسطينية في غزة، بعد اغتيال الشيخ "خضر عدنان" الذي أمضى (86) يومًا في إضراب مفتوح عن الطعام بسجن الرملة، فقد أكدت المصادر الصهيونية أن الخلافات قد تصل إلى حد الانقسام، في ظل موجة التحريض التي يقوم بها أعضاء كنيست ووزراء ورؤساء مجالس المستوطنات الجنوبية ضد رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" ووزير جيشه "يوآف غالانت" والمنظومة الأمنية التي تصدرت اجتماع الكابينت الأخير، وطالبت باستعادة الردع في قطاع غزة، وضرب مفاصل المقاومة.
القوى الصهيونية المتطرفة أكدت بعد جولة القتال الأخيرة أن الاحتلال فشل فشلاً ذريعًا في استعادة الردع، أو تثبيت قواعد اشتباك جديدة بالحد الأدنى تضمن الحفاظ على المسار الصهيوني الذي يسلكه في المدة الأخيرة استعدادًا لمواجهة مسلحة شاملة أمام قوى المحور، وبالتحديد في لبنان وغزة والضفة الغربية، إذ يعتقد الاحتلال أن إيران ستكون لها كلمة في هذه المواجهة من عدة جبهات أخرى، إذ تشير المنظومة الأمنية الصهيونية إلى احتمالية تعرض الاحتلال في أي مواجهة إلى ضربات إستراتيجية تُعرض أمنه القومي للكثير من المخاطر، وبالتحديد في المدن الحيوية داخل الكيان، وأبرزها: حيفا، وتل أبيب، والقدس، الأمر الذي سيعرض الجبهة الداخلية الصهيونية للانهيار، باعتبار أن السيناريوهات التي أعدها الاحتلال -وفي نظر ائتلاف اليمين- لا يمكن أن تفشل.
في المقابل أكدت المعارضة الصهيونية أن بداية الفشل جاءت خلال ساعات معدودة من جولة القتال أمام كتائب القسام وفصائل المقاومة الأخرى التي كانت تستعد لتثبيت قواعد جديدة أمام الاحتلال، إذ يشير أعضاء كنيست إلى أن حركة حماس استطاعت أن تقود مسار المواجهة، وتحدد نقطة بدايتها وآلية الخروج منها بتثبيت قواعدها الجديدة في فترة زمنية قياسية، الأمر الذي دفع العديد من أعضاء الكنيست وبطلب من وزير الأمن الوطني "بن غفير" لتعليق حضورهم في جلسة الكابينت، وعدم التصويت على بعض القرارات الجديدة المتعلقة بالتجنيد، وهو ما دفع خروج بعض الأطراف الصهيونية عن الصمت، والحديث عبر وسائل الإعلام العبري عن الفشل الكبير الذي تعرض له الجيش أمام المقاومة.
على المستوى الأمني الصهيوني تعززت الخلافات بين بنية الأمن والجيش في ظل الفشل الذريع لأداء منظومة القبة الحديدية، بعد أن أكدت جهات الاختصاص في سلاح الجو الصهيوني وجود أعطال فنية أصابت منظومة الدفاع الجوي، إذ من المرجح أن تكون القبة قد تعرضت لاختراق فني من مجموعات السايبر التي أعلنت في المدة الأخيرة نشاطها في استهداف قواعد المعلومات للجيش والمنظومتين السياسية والأمنية لدولة الكيان، والسيطرة على معلومات حساسة لم يُكشف عنها بعد، الأمر الذي يؤكد أن قواعد المواجهة باتت تتسع بأدواتها ووسائلها القتالية ميدانيًا وفنيًا، إلى جانب المعركة السياسية التي يخوضها المستوى القيادي السياسي في أذرع المقاومة.
كما تأتي الخلافات في ظل ما يتعرض له "بن غفير" للتحريض من المستوطنين الذين أكدوا فشله في أدائه السياسي على المستوى الحكومي، وعدم قدرته على تحقيق أهداف حزبه نحو استهداف المسجد الأقصى، وطرد الفلسطينيين من القدس، والتضييق بشكل أوسع على الأسرى في المعتقلات الصهيونية، وفشله أمام تهديد الأسرى بتنفيذ إضراب جماعي مفتوح عن الطعام كان المقرر أن يبدأ في اليوم الأول من شهر رمضان من هذا العام، فقد فشلت إدارة السجون، وتراجعت عن قراراتها التي كانت تستهدف الحركة الأسيرة، وحقق الأسرى انتصارًا على "بن غفير" وإدارة السجون، وعلى رأسهم حكومة اليمين.
وللتساؤل عن تداعيات تلك الخلافات على المستوى القريب، يحاول الليكود هذه المرة وضع حد لقوى اليمين، ولكن بطريقة تضمن الحفاظ على بقاء الحكومة وعدم الانزلاق إلى خلافات أكثر اتساعًا قد تؤدي لانهيار الحكومة في أي وقت، الأمر الذي يقلق الاحتلال، وبالتحديد منظومة الأمن، التي حذرت من عمق الخلافات، باعتبار أن المقاومة وقوى المحور ستستفيد من الحالة الراهنة، على غرار ما حدث خلال التصعيد في جبهتي لبنان وغزة قبل عدة أسابيع، وباعتقادي أن الليكود سيتجه لبلورة موقف لاحتواء "بن غفير" وأعضاء حزبه في الكنيست، لمواصلة البحث عن استعادة الردع المفقود.