تغنت باسمه الأناشيد الوطنية، وأُقيمت لنصرته الفعاليات والاعتصامات، وهتفت من أجله حناجر المتضامنين دعمًا لنضاله، لكن ذات الحناجر هتفت هذه المرة لتنعى الشيخ الأسير خضر عدنان بعد أن استُشهد في زنازين سجون الاحتلال، فجر أمس، في جريمة اغتيال إسرائيلية متعمدة.
وارتقى الأسير عدنان (45 عامًا) وهو القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي، بعد 86 يومًا من الإضراب عن الطعام ضمن معركة أمعاء خاوية خاضها ضد اعتقاله الإداري والزجّ به مجددًا خلف قضبان السجون.
ويحفل تاريخ الشهيد عدنان بانتزاع حريته بخوض الإضراب عن الطعام، إذ إنّ الاعتقال الإداري هو الزجّ به في السجون إلى جانب معتقلين دون تهمة أو محاكمة، وهي طريقة الأسر التي لا يتعامل بها أيّ كيان حول العالم، سوى الاحتلال.
وكان عدنان يُعدُّ أيضًا من أبرز المعتقلين والأسرى المؤمنين بفكرة الإضراب عن الطعام لنيل الحرية من الاعتقال الإداري، ففي عام 2004، خاض عدنان إضرابًا رفضًا لعزله استمر 25 يومًا، وفي عام 2012 خاض إضرابًا ثانيًا لمدة 66 يومًا ضد اعتقاله الإداري.
وبحلول عام 2015 بدأ معركته الثالثة ضد اعتقاله واستمرت حينها 56 يومًا، وكذلك في عام 2018 خاض معركته الرابعة ضد الاعتقال الإداري أيضًا واستمرت 58 يومًا، وأعقب ذلك إضراب خامس خاضه بحلول 2021 لمدة 25 يومًا.
فشل الاحتلال
وكان عدنان قد تمكن في معارك الأمعاء الخاوية التي خاضها من نيل حريته والانتصار على السجان، وهذا لم يرق للاحتلال الذي اقتحم بيته في بلدة عرابة غرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، واعتقله مجددًا في 5 فبراير/ شباط الماضي، وقد بدأ عدنان منذ لحظة اعتقاله معركة أمعاء خاوية سادسة في تاريخ اعتقاله استمرت 86 يومًا، تهالكت في أثنائها صحته بفعل رفض الاحتلال الاستجابة لمطلبه بالإفراج عنه.
ولم تقتصر الإضرابات التي خاضها عدنان على سجون الاحتلال، إذ إنه خاض إضرابًا مدته 12 يومًا في أكتوبر/ تشرين أول 2010 بعد اعتقاله والزج به في سجون أجهزة أمن السلطة.
وبلغ مجموع ما قضاه عدنان أسيرًا ما يزيد على 8 سنوات في السجون في 10 اعتقالات بسجون الاحتلال.
والشهيد عدنان من مواليد 24 مارس/ آذار 1978، وكان قد أنهى مرحلتي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه عرابة، وبحلول 1996 اجتاز المرحلة الثانوية بتقدير جيد جدًّا، والتحق بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وحصل عام 2001 على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثم التحق ببرنامج الماجستير تخصص الاقتصاد في الجامعة ذاتها.
وفي إضرابه الأخير تراجعت حالته الصحية كثيرًا، بالرغم من التحذيرات المستمرة التي تلقّتها سلطات الاحتلال من أنّ عدم إفراجها عنه سيؤدي حتمًا إلى استشهاده.
اقرأ أيضًا: هنية: أبلغنا الوسطاء بضرورة تسليم جثمان الشهيد خضر عدنان لعائلته
وترك استشهاد الشيخ عدنان حزنًا عميقًا في نفوس الفلسطينيين، وخاصة سكان الضفة الغربية ممن يشهدون بمشاركته المستمرة في الفعاليات المُناوئة للاحتلال والمنددة بجرائمه.
نال ما تمنى
وقالت زوجة الشهيد عدنان: إنه "نال أقصى ما كان يتمنى"، مضيفة: "استشهاده فخرنا واعتزازنا بالرغم من أننا كنا نود أن يعود لنا منتصرًا".
وتابعت في أثنائها مؤتمرًا صحفيًّا أمام منزلها في عرابة: "سنحاسب كل مقصر خاصة أن الشيخ عدنان ترك وحيدًا"، مؤكدة أن عائلة الشهيد لن تفتح بيت عزاء وإنما ستستقبل المهنئين باستشهاده.
وأكملت: أنّ الشيخ عدنان رحل وترك خلفه 9 من الأبناء نُربّيهم على العزة والكرامة.
من جهته قال الباحث والكاتب السياسي ثامر سباعنة من جنين، وهو ممن يعرفون الشهيد عدنان جيدًا: إنه في أثناء السنوات الماضية تصدر الإضرابات عن الطعام ضد الاعتقال الإداري وانتهاكات الاحتلال بحقّ الأسرى، ولم يتأخر يومًا عن أيّ فعالية وطنية داعمة للأسرى، أو أيّ قضية وطنية أخرى.
وتابع سباعنة لصحيفة "فلسطين": الأذى الذي لحق بعدنان قبل استشهاده ليس من الاحتلال فحسب، بل طالته انتهاكات أجهزة أمن السلطة، ولم يُثنه ذلك عن موقفه ورأيه الداعم للقضايا الوطنية والمنددة بالاحتلال والتعاون معه.